متى يستقر الوطن العربي؟!
هرب أبناء سوريا من جحيم “الأسد” إلى نيران أوروبا ومازالت مأساة هذا الشعب تصورها عدسات الفضائيات وهم يغامرون بأنفسهم، إما وسط البحار أو تجار البشر الذين لا يرحمون ضعفهم وقلة حيلتهم، فقد صورت قناة الجزيرة أمس أصعب حالات الإنسان السوري وهو يتنقل من مدينة إلى أخرى طلباً للعيش الكريم.
استطاع مصور الجزيرة ومعدو برامجها أن ينقلوا لنا صورة لمشهد مأساوي لأولئك الشباب والرجال والنساء والأطفال، يدخلون في مغامرة ويخرجون إلى مغامرة أخرى، فإذا كان الطفل الفلسطيني “محمد الدرة” الذي قتلته السلطات الإسرائيلية وهو في حضن أبيه، فها هو الطفل “إيلات” يعيد نفس صورة “الدرة” المأساوية وهو يلقى ربه بعد أن قذفت به مياه البحر إلى الشاطئ في مشهد أبكى رئيسة وزراء ألمانيا، بينما “الأسد” مازال يقتل ويدمر الشعب ولا يهمه أن يموت بقية الشعب السوري على أن يظل هو الحاكم الوحيد في سوريا.
إن الشعب السوري يعيش حالة سيئة وهم الآن بالمجر بعد أن رفض رئيس وزرائها منحهم الإذن بالمغادرة إلى ألمانيا، وطالب بأن يبقوا بمعسكرات اللجوء التي تفتقر لمقومات الإنسانية.
الأمم المتحدة طلبت أن يوزع مائتا ألف لاجئ سوري إلى الدول الأوروبية، بينما وافق رئيس وزراء بريطانيا “كاميرون” باستضافة أربعمائة ألف مواطن سوري في بلاده. وما فعله “كاميرون” لم يفعله كثير من حكام أوروبا، وحسناً فعل أيضاً المشير “عمر البشير” بمعاملة السوريين معاملة السودانيين في التعليم وفي الحياة، وهذا يرفع رصيد السودان وسط الإخوة السوريين وفي المنطقة العربية.
لا نأمن الدنيا فما من دولة آمنة ومستقرة يعيش أهلها في رغد من النعمة فإذا بحالها ينقلب رأساً على عقب، فانظروا إلى مصر التي كانت من آمن البلاد العربية وأكثرها استقراراً، ها هي تعيش الآن حالة من عدم الأمن والاستقرار، فبعد أن كان السائح والزائر يستمتع بالحياة فيها ليل نهار، الآن يعيش الزائر حالة من الخوف والرعب نهاراً وليس ليلاً.. كانت السينمات والمسارح تعمل إلى الصباح دون أن يحدث اضطراب أو خوف وكذا الحال امتد إلى العراق التي عاشت فترة الرئيس “صدام حسين” حالة من الهدوء والاستقرار، فانظروا إليها الآن.. وكذا الحال أيضاً في الجماهيرية الليبية التي ظن الناس أن برحيل الرئيس “القذافي” ستعيش أمناً واستقراراً، وها هي تعيش الآن حالة من الفوضى والقتل والدمار وعدم الاستقرار. تحولت ليبيا الآن إلى خرابات وبيوت أشباح بسبب القذائف التي تنهال على المساكن والمواطنين. الوطن العربي يعيش الآن فوضى عارمة ولا منجاة إلا بتحكيم صوت العقل من الجميع.