فساد مفوضية اللاجئين
قبل ست سنوات كتب “برهوم جرايسي” وهو صحافي وكاتب سياسي متخصص بالخريطة السياسية في إسرائيل بحثاً مطولاً عن أحوال المهاجرين الأجانب إلى الدولة اليهودية، أثبت فيه بالأرقام والوقائع أن المهاجرين الأفارقة تحديداً يواجهون فصلاً عنصرياً في إسرائيل تتورط فيه مؤسسات رسمية، بما في ذلك مؤسسات التعليم وجهاز القضاء والجمهور العام، وتتبع قضية شهيرة تتعلق برفض مؤسسات تعليمية استيعاب أولاد المهاجرين فيها، نظراً لرفض الكثير من العائلات اليهودية أن يتعلم أبناؤهم في مدارس وصفوف يتعلم فيها أفارقة !
الجالية السوداء هناك منبوذة ومحاصرة وتمت مواجهتهم بعبارة صادمة لحظة وصولهم مفادها (ما حاجتنا إليهم) ليتم وضعهم في أحياء سكنية محددة، وبعد أن رفض اليهود إسكان المهاجرين في البنايات التي يسكنونها، كما أن بلدات بأكملها رفضت توطين هؤلاء! وقارنوا هذا وبالصورة المغايرة تماماً التي تحدث عندنا في السودان والذي عرفت أراضيه استقبال اللاجئين منذ أكثر من خمسة عقود، وكان أول فوج استقبله تمثل في شكل مجموعات صغيرة مكونة من نحو خمسة آلاف لاجئ زائيري وبتصاعد النزاع في اريتريا أواخر الستينيات فر آلاف الارتريين من ديارهم ولجأوا إلى المناطق المجاورة لهم في حدود البلاد الشرقية. واستمرت موجات اللاجئين بقدوم أعداد إضافية من أوغندا في الجنوب ومن تشاد في الغرب فضلاً عن إثيوبيا والآن أفواج السوريين أقال الله عثرتهم ونصرهم ولا ننسى كذلك اللاجئين للسودان من جنوب السودان.
كل هؤلاء تاريخياً كانت الدولة السودانية تنفق عليهم، ويتقاسمون مع المواطنين الخدمات والحياة ولا ضير في ذلك أو منة على أحد ولكن السؤال هو لماذا تكون للأمم المتحدة ومنظماتها الفرصة في العويل و(شيل الحال) إن كان القول لها وتصمت إن كان عليها، وأعني بذلك الدعومات المخصصة لهؤلاء اللاجئين وأقربها ما أعلنت مفوضية اللاجئين من التزام بتقديم دعم بقيمة (10) ملايين دولار لمساعدة اللاجئين الجنوبيين، والذين بلغ عددهم العام الماضي أكثر من ثمانين ألف لاجئ تضاعف الآن حتماً إلى رقم أكبر.
مفوضية اللاجئين تأكل أموال المهاجرين وترمي الفتات للدول المستضيفة وللاجئين أنفسهم مثل ما يسمى بمبادرة الحلول الانتقالية لدعم اللاجئين إلى شرق السودان، وهو البرنامج الذي علقته الحكومة وهي محقة في ذلك لأن المفوضية تريد اللجوء للحل الأسهل بتعاميها عن مشروعات أخرى مثل توطين أولئك اللاجئين في دول أخرى وهو العمل الذي توقف تقريباً، وإن كان موجوداً فإن فيه شبهات فساد سمعت قصصاً مريعة عنها لأن الأمر تحول إلى استثمار وبزنس فيه حكايات تشيب الرؤوس !
إن على معتمدية اللاجئين (الوطنية) وطالما أنها السودان هو من ينفق ويدعم ويمنح الواصلين إليه الأمان والاحترام أن تحرص على حقوق هذا البلد من المفوضية الأممية، وكذلك حقوق اللاجئ نفسه خاصة إن كانت هناك مخصصات ودعومات مستحقة لهم وهو ما تحرص عليه المفوضية في الدول الكبرى والأخرى وهو ملف يجب أن يفتح ليعرف الناس أين ذهبت أمواله وهل حولها (مأكلة) أممية أو سوء إدارة.