ولنا رأي

الصحافة ليست معولاً للهدم

كثيراً ما نظن- نحن قبيلة الصحفيين- أن ما نكتبه لا يجد أذناً صاغية، ولم تعره أي جهة اهتماماً ويصبح كلام جرائد، حسب المقولة الشائعة، وأن كل ما يكتب بالصحف ما هو إلا كلام جرائد، لا يستند إلى الحقيقة، ولكن الفترة الأخيرة أحسست أن ما تتناوله الصحافة والصحفيون يجد أذناً صاغية، واهتماماً من المسؤولين، فأبدأ أولاً بما كتبناه عن صينية الزعيم الأزهري؛ تلك الصينية التاريخية؛ والتي تفنن المبدعون في خلق لوحة رائعة منها؛ ولكن بعد انتهاء (هيصة) الصواني أصبحت الصينية وبحجمها الكبير معيقة للحركة، ومعطلة لأعمال الناس، خاصة القادمين من منطقة بحري عبر كبري شمبات، أو القادمين من الخرطوم إلى منطقة أم درمان .. ناشدنا الجهات المسؤولة في إدارة المرور بإزالتها واستبدالها بإشارات ضوئية، وبالفعل استجابت الجهات المسؤولة لما كتبناه، وتمت إزالة الصينية ووضعت إشارات ضوئية تم تشغيلها ليوم، وأخيراً توقفت لا ندري هل هناك إجراءات جديدة اتخذت أم أن هناك مراجعة للأمر.
ثانياً لقد طالبنا الجهات المسؤولة بدخول ميدان جاكسون وتفقده سراً، والوقوف على الطبيعة لمنظر المواطنين وهم يركضون وراء العربات، عسى ولعل يجد المواطن المركبة التي تقله إلى منزله بعد عمل امتد لما بعد الثامنة مساء، وبالفعل ذهبت الجهات المسؤولة دون علم المراسم وغيرهم، ووقفوا على الطبيعة على أحوال المواطنين بالميدان الشهير، وهذه محمدة للصحافة التي تعتبر عيناً للدولة؛ تنبهها إلى مناطق الخلل بغية إيجاد الحل السريع، والصحافة ليس من مهامها هدم السلطة أو النقد غير البناء، ولكن كثيراً من المسؤولين يعتقدون أن الصحفيين معاول للهدم، وللتجريح ونبش أعراض الناس، وتعرية الحكومة، وكشف سوءاتها.. ولكن الصحافة عين تراقب وتنبه، فالمسؤول يطرب دائماً للثناء عليه، ويحب الإطراء والشكر فيسعد بتلك بينه وبين نفسه، ولكن لا يكلف نفسه بالاتصال بالصحفي الذي سطر تلك الكلمات الرائعات في حق ذلك الشخص؛ إن كان يستحق هذا الثناء أم لا، أما إذا سطر يراع الصحفي كلمات لاذعة، وفيها كشف للشخصية أو للوزارة التي يعتليها؛ جاءته التلفونات من الصباح بأن الوزير الفلاني يطلبك عبر الهاتف، وإذا تحدث معه تجد نبرات صوته كلها حدة وتوبيخ لما كتبه؛ بل يصل إلى قناعة بأن الصحفي معول لهدمه ويريد إفشاله.
إن الصحافة تعتبر المرآة التي يعكس أو يكشف من خلالها كل ما هو خير وما هو شر، أو ما هو إيجابي وما هو سلبي.
في فترة سابقة سلطت الضوء على بعض مشاكل المواطنين بمدينة الثورة، ونبهت إلى الأعطال الكهربائية المتكررة بالحارات، التاسعة على الأخص، وغيرها من مناطق الولاية، اتصل علىَّ الأخ عثمان مسؤول الإعلام بوحدة السدود، وأوصلني بالأخ المهندس هاني مسؤول كهرباء منطقة أم درمان، ونبهني إلى أنهم اطلعوا على كل ما كتبته عن كهرباء الثورة الفترة الماضية، ووقتها كانوا يعملون في صمت لمعالجة قطوعات الكهرباء بالمنطقة، وبعد أن أكملوا كل الصيانة اتصلوا عليّ لأرى بنفسي الجهد الكبير الذي كانوا يقومون به.
  التقيت بالصدفة بالمهندس “هاني” بمكتب الثورة نهاية الحارة التاسعة، لم أعرفه إلا عبر الهاتف جلست معه لفترة أطلعني على المجهودات التي يقومون بها لتحديث الشبكة، والطريقة الحديثة التي اتبعوها لمعرفة منزل الشخص الذي تعطلت كهربته، وفي أي حارة من حارات أم درمان؛ هناك شاشة تستطيع رؤية أي منزل بأم درمان، فقط ما عليك إلا أن تدخل رقم عدادك والمسؤول ينبه المهندس للذهاب إلى الحارة كذا؛ المنزل رقم كذا، وفي ثوانٍ تعاد الكهرباء، إذا كان العطل من المنزل أو من الشبكة، حقيقة هناك مجهود كبير يقوم به الإخوة المهندسين؛ ولكن عيب أولئك المهندسين لا يعكسون إنجازاتهم غبر الصحف، نحن لسنا معول هدم بقد رما نحن نساعد في تسليط الضوء على المناطق التي بها عتمة، فربما يفوقكم أخ هاني وكل الأخوة المهندسين الذين يسهرون من أجل راحة المواطن..
معلومة : مكتب الثورة للتحصيل يعمل 24 ساعة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية