من يدير حزب "الميرغني"؟!
سقط عدد من الصحف الصادرة بالخرطوم أمس الأول بإبرازها خبراً قيل أنه قرار صادر من مولانا “محمد عثمان الميرغني” زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بعودة المفصولين من الحزب أو كما أسماهم نجل “الميرغني” بعد الفصل، القرار الصادر وتكذيبه اليوم التالي من “أسامة حسون” ينم عن أن الحزب حزب بدون سيد أو رابط، الكل يدعي أنه زعيم الحزب والكل يعتقد أنه هو الذي يدير الحزب بالطريقة التي يراها، ولكن تضارب التصريحات عن منسوبي الاتحادي الأصل يؤكد أن هناك فوضى داخل الحزب، وهناك عدم تجانس وتنسيق فيما بينهم، وإلا فكيف يسرق اسم مولانا “الميرغني” ويصدر قرار باسمه يعيد المفصولين والقرار أصلاً كاذب أو من أخرجه كاذب.
لقد ظللنا نتابع الحزب الاتحادي الأصل ولكن شعرنا بأن هذا الحزب الذي كان يملأ الدنيا أصبحت المصالح هي التي تجمع بين أعضائه، ففي الديمقراطيات السابقة كان الحزب يشكل خطورة على نده التقليدي حزب الأمة القومي الذي بدأ هو أيضاً في تمزق وتشتيت.
الحزب الاتحادي كان يسير بدفعة قوية من مولانا “الميرغني” ولكن الآن أصبح هناك مليون “ميرغني” داخل الحزب ولا يهم (المراغنة) الجدد مصلحة هذا الحزب الكبير، كل يشوت بطريقته الخاصة وإلا لما صدر مثل هذا القرار المضروب والمنسوب لمولانا “الميرغني”. إن حال الأحزاب السودانية أصبح يرثى لها، فبعد أن كانت القائد لهذه الأمة أصبح الناس زاهدين فيها وفي قياداتها التي عجزت وطوال خمسين عاماً أو أكثر في إرساء الديمقراطية والحرية لشعبها، حتى في داخلها أصبحت لا تؤمن بالديمقراطية، أصبحت المصالح لهذه الأحزاب كل شيء، وأصبح كرسي الوزارة هو المهم.. انتفت المبادئ التي كان يؤمن بها أولئك القادة.. الآن كل واحد من ممثلي تلك الأحزاب يريد أن يصل إلى كرسي السلطة لينعم بخيرها ومتعها وأسفارها.. الآن الصراع حول الكرسي وليس المبادئ، فانظروا إلى كل من تمت إقالته من الوزارة ماذا فعل؟ الوزارة أصبحت حلم الجميع ولو لم يكن مؤهلاً.
في الماضي كانت الأحزاب تقدم خيرة أبنائها عمالقة في الأدب والثقافة، أين “يحيى الفضلي” أين “مبارك زروق” أين الزعيم “الأزهري” أبو الاستقلال، أين “المحجوب” أين “عبد الله خليل” أسماء تقشعر لها الأبدان حينما تتحدث، كيف كان السجال بينهم داخل الجمعية التأسيسية، أنظروا إلى لغتهم وإلى ثقافتهم وإلى أدبهم لم يكونوا طامعين في نعيم الدنيا وكراسي السلطة الزائلة.. اليوم كل أحزابنا تلهث وراء المال والسلطة، فقراء في العقول وفقراء في الجيوب، لا أحد مقتنع بهم ولذلك لا بد أن نرى العجب العجاب منهم، ولا بد أن تصدر مثل هذه التصريحات التي يحاول كل واحد منهم هزيمة الطرف الآخر بها، والخاسر الصحافة التي تروج لأخبار مضروبة.