مغفلون في سماء المهرجان
صدر أمس وأعلن وعلى بدا أول الأمر وكأنه حديث هامس ملخص قرارات وتوصيات الاجتماع القيادي للحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) المتمردة، بعد مداولات استمرت لخمسة أيام بمشاركة الحلو وعقار وعرمان، وإن خرج الأوسط من بدايات الاجتماع ثم عاد ثم خرج لا يلوي على شيء وقد لفت نظري في ما نشر أن الحركة المتمردة حذفت تمييز (شمال) الذي لطالما حملت رايته ورجزت تحتها ! والأمر لم يكن خطأ طباعياً في الراجح وإنما توصيف مقصود بتسمية الحركة الشعبية لتحرير السودان هكذا في إنتاج جديد فيما يبدو لدور الوكالة الذي لا ينضب معينه بين هؤلاء الناس، والملاحظات حول تلك المقررات كثيرة ولكن سأحاول تخصيص فحص أوراق لها على حلقات ما وسعنا الجهد والإدراك لما بين السطور.
واضح بالنسبة لي أن ياسر عرمان حقاً تلميذ نجيب ووفي لقائده جون قرنق، الرجل إذ تستوي عنده الأنوار والظلم لكنه في حال النظر والاقتداء بقائده لا يبالي حتى بان شر ما يكسب الإنسان ما يصم! ولم يعد لي من شك من أن الثائر الجديد حامل لواء المهمشين والسودان الجديد – وأعني عرمان – إنما يلاعب بعض القوى السياسية خاصة ممن وضعهم تحت إبطه في مقام التحالف والنصرة بذات تكتيكات قائده الموصوف عنده بالأيقونة، وما أكثر الأيقونات والمفتونين بها والناظر لمقررات رهط المتمردين في منشورهم المطلق السراح بالأمس سيرهم على ذات مخطط مؤتمر القضايا المصيرية في أسمرا (الجمعة 23 يونيو 1995م)، يوم أن حصل قرنق على صك على بياض لتقرير المصير للجنوبيين مهره بتوقيعات الحزب الاتحادي الديمقراطي- حزب الأمة تجمع الأحزاب الأفريقية السودانية- الحزب الشيوعي- القيادة الشرعية- النقابات- مؤتمر البجة- قوات التحالف السودانية- الشخصيات الوطنية، والعجب العجاب أن تلك القوى ومشتقاتها تنوح الآن وتلطم على جريرة المؤتمر الوطني التي جوزت منح تقرير المصير، رغم أن منحهم أتى على مخطوطة اجتماع بلا تفويضات من أحد بينما وقع الوطني وفق اتفاقية سلام معترف بها دولياً.
مقررات اجتماعات قطاع الشمال بالأمس قررت أن تطرح رؤية الحركة الشعبية للوضع النهائي للمنطقتين – النيل الأزرق وجنوب كردفان – والتشاور بشأنها مع القوى السياسية والمجتمع المدني وأكد الاجتماع على الاتفاق الذي تم مع الإمام الصادق المهدي وحزب الأمة على عقد ورشة مشتركة، ونرحب بمشاركة الآخرين للتشاور حول الوضع النهائي للمنطقتين وسيكون طريفاً وقارصاً أن يلحظ المرء أن الإمام “الصادق المهدي” يبدو للمرة العاشرة أو ربما المائة مغفلاً كبيراً معتاداً على البصم والانقياد للآخرين وأقول هذا لأن هذه التوصية عيناً، إنما هي مشروع حصول على (شيك) جديد على بياض لتسويق مشروع انفصالي لقطاع الشمال ضد إرادة أهل المصلحة والأغلبية الغالبة من السكان المحليين والذين يتم خداعهم الآن بتسمية مرتبكة اسمها الحكم الذاتي!
مقررات ما يسمى الاجتماع القيادي للحركة الشعبية (شمال) بها كثير يستحق الوقوف عنده وفضحه، وإن لم تخلُ من بعض (الهجص) والكلام الفارغ.