رأي

مسألة مستعجلة

بيروقراطية حتى الموت !!
نجل الدين ادم
سأحدثكم عن تفاصيل مأساة متكررة بسبب بيروقراطية الإجراءات وإهمال المستشفيات الخاصة الذي يمكن أن يكون مصيره الموت، فليس من رأى كمن سمع.
تذكرون أن قراراً صدر من وزارة الصحة قبل فترة طويلة بمركزية التبرع بالدم ومنع المستشفيات الخاصة والمستوصفات من إستقبال المتبرعين بحيث يكون التبرع محصوراً في المعمل المركزي فقط، أي أنه إذا كان لديك مريض ويحتاج لنقل دم لإجراء عملية أيا كانت مستعجلة أو غير مستعجلة بأحد المستشفيات الخاصة فعلى المتبرع أن يتوجه إلى المعمل المركزي للتبرع ومن ثم يأتي المندوب ليستلم الدم لإجراء العملية أو نقل الدم، .. متى يصل الدم .. وكيف ؟ .. مسئولية مطلقة قد يلقى المريض حتفه في (معمعة) هذه البيروقراطية القاتلة إذا كانت حالته حرجة.
 القرار من حيث قرار من قبل وزارة الصحة فإن القصد منه منع بيع الدم والبلازما ومكوناته الأخرى حتى لا تصير تجارة وينفر بذلك المتبرعون وتصبح بنوك الدم خاوية، وهذا الإجراء لا أحد ينكر بأنه ممتاز ومن مصلحة المواطن أولاً وأخيراً، لكن هل يصلح القرار إذا ما وصلت البيروقراطية فيه حد الموت؟ .. وأنت كمواطن تنتظر إجراء (مقاصة) للدم الذي تبرعت به توطئة لتحويله من المعمل المركزي إلى المستشفى الذي يرقد فيه مريضك شأنه شأن الرصيد في ظل ضعف الشبكة.
قادتني الأقدار إلى مستشفى شرق النيل الخاص حيث يرقد خالنا “حسين” الذي تقرر إجراء عملية طارئة له بعد كسر في الرجل من جراء سقوط من بناية عالية، وقد نقل إليها وهو فاقد للوعي تماماً، تخيلوا أن أفراداً من الأسرة تبرعوا في الحال بالدم لدى المعمل المركزي ليتم نقله إلى المستشفى لإجراء العملية، ظل الجميع في انتظار وصول الدم المتبرع به ولكن لا حياة لمن تنادي، ظل مريضنا وهو مكسور على سريره يتلوى من الألم  لأربعة أيام، وعند محاصرة المدير الطبي للمستشفى قال بكل بساطة أن الدم لم يصلهم، طيب ما مصير المريض إذا لم يصل الدم هل يسلم أمره لله وينتظر تسليم روحه في سريره أم ماذا؟!، أخيراً اضطر شقيقي “نور الدين” لمتابعة الدم الذي تبرع به واختفى في ظروف غامضة خصوصاً أنه هو من تبرع، بكل بساطة ارجع المعمل مسئولية عدم تسلم الدم للمستشفى، يعني كل يحمل الآخر المسئولية.. والمرضى يتقطعون بالألم!، حادثة خالنا “حسين” ليست وحدها لدرجة أن بعض ذوي المرضى يدخلون في شجار مع المستشفى أو المعمل المركزي وأظنها دوامة مستمرة قد يدري بها وزير الصحة أو لا يدري.
الأمر يحتاج لمتابعة ومراقبة لصيقة من قبل السلطات حتى لا تضيع أرواح مرضانا من جراء هذه البيروقراطية التي تكون في أحيان كثيرة قاتلة كما المرض. ونسال الله السلامة للجميع.   

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية