ما الذي يجري؟!
تصاعد يجب أن يكون مزعجاً في أخبار تسلل بعض السودانيين من الطلاب للالتحاق ببعض التنظيمات الموصومة بالتطرف.. حكايات في سياقات شتى وأسانيد مختلفة، الأمر يبدو مرات أقرب ما يكون لقصص معروضات ومنشورات الخيال المخابراتي! غموض وتناقض في كل فقرة ومشهيات ينثرها الرواة في كل سطر، والاسم الظاهرة يغذي اتجاهات الثرثرات و(داعش) وغيرها مساحات لتمدد الحديث والرواية.. وأعتقد، والله أعلم، أن الهمّ والمشكل يجب أن يكون في جملة استفهامات واجبة التفسير والبيان، أسئلة تخلص لإجابات، وإجابات تؤدي لمقترحات وحلول قبل أن ينكب الجميع في وطنهم ودينهم بفاجعة ذات مرار وحنظل.
فرضية أن بعض التنظيمات– سمها ما شئت– تستقطب بعض السودانيين، كانوا طلاباً أو من غير تلك الفئة، فالسؤال الجوهري في هذه الحالة يجب أن يكون باحثاً عن دور التنظيمات الإسلامية والجماعات والطوائف وكتل المشايخ هل فشل كل هؤلاء في تقديم أنموذج جاذب فآثر البعض من أبناء جلدتنا البحث عن الإسلام حسب ما توفر لهم وأمامهم فاختاروا هذا الفصيل أو ذاك وطاروا إليه خفافاً متخفين أو متحرفين؟ وإن كان الأمر كذلك، فأين هو الحل في جعل أنموذج الإسلام الوسطي الشائع عندنا والأقرب لروح التسامح الفاشية بين السودانيين هو الأنموذج الذي تهوي إليه أفئدة أبنائنا وأخوتنا في الجامعات وغيرها، فلا يحتاج الوطن ولا أولياء الأمور للقلق بشأن أبنائهم ذهبوا أم كانوا حاضري الصلاة في الوطن الكبير؟!
إنك لا تستطيع، سلطة أو مؤسسة أو حتى من باب القوامة الأسرية، لا تستطيع أن تمنع تسلل أحدهم خارجاً، من يريد ذلك ويحرص عليه سيجد الطريق والمنفذ، لكن الأهم في تقديري البحث عن عمق تفسير الحدث والظاهرة وهذه بالضرورة تقود لأهمية أن يكون للدعاة والمؤسسات الدعوية دوراً أكبر، قوى إسلامية كثيرة وذات جمهور وتاريخ انتقلت من مهام التنوير وإسناد الوعي الجمعي لصالح الأنشطة السياسية البحتة، هذا ربما يطال حتى كيان كبير مثل الحركة الإسلامية السودانية بشقيها– ذاك الموالي لـ”الترابي” أو “الزبير أحمد الحسن”– وهكذا، وفي ظل هذا الجفاف والغياب الكامل عن الحضور من الطبيعي أن يملأ الفراغ آخرون، ليس بالضرورة أن يكونوا كلهم سيئين، ولكن قطعاً هناك صاحب الحاجة والغرض.
ما يجري حولنا في هذا العالم يجب أن يجعلنا أكثر حذراً، وأخشى ما أخشاه أن يهون البعض من الأمر فنجد أنفسنا آخر الأمر وقد انجرفنا لدوامة العنف وتغييب الوعي والمشاعر، وهي مرحلة لا تعود بعدها الأوطان للرسو على العافية البتة، حدث هذا في دول وأمصار كثيرة، والأمثلة شاخصة بين أعيننا وأمام ناظرينا، فكلما أصبح عليهم صبح انخرطوا في مسيرة الموت والدماء، فما ربحوا ديناً ولا كسبوا ديمقراطية.. وحقهم راح!