ولنا رأي

من يحفظ للشعراء حقوقهم؟!

تحدثت مع الشاعر الكبير “التجاني حاج موسى” عن كيفية الوصول إلى الفنان “عاصم البنا” لأنني فشلت في إيجاد رد منه رغم المحادثات الكثيرة التي أجريت والرسائل التي أرسلتها له، فشقيق زوجتي طالب أن يكون فنان حفل زواج ابنته الدكتورة “رغدة”، الشاعر “التجاني” يبدو أنه محبط من الفن والفنانين وما آل إليه حال الفن بالسودان، وعن ضياع حقوق الشعراء والملحنين، “التجاني حاج موسى” شاعر لا يشق له غبار وإنسان رقيق ومهذب وصاحب علاقات مميزة داخل الوسط الفني أو من المجتمع عموماً، رغم إمكانياته العالية في نظم الشعر وقدراته التلحينية وامتلاكه لعدد كبير من الأغنيات التي تغنى بها عمالقة الفن السوداني.
سألت نفسي كيف يعيش هؤلاء الشعراء بينما يعيش أولئك الفنانون حالة من الزهو والعظمة، يرتادون أفخر المطاعم ويلبسون أفخر الثياب ويسافرون إلى معظم الدول وهم لا يملكون إلا هذا الصوت الملائكي، ولكن هذا الصوت لن يصل إلى أسماع لولا معاناة هذا الشاعر الذي عانى في إخراج هذا الكلام الجميل والكلمة تخرج أحياناً كخروج الروح، وأحياناً يساهر الشاعر الليل للوصول إلى كلام جميل يمنحه هذا الفنان، وأحياناً هناك فنانون يعيشون على حقوق هؤلاء الشعراء، ففي كل الدنيا هناك مصنفات تحفظ الحقوق للآخرين، ففي مصر حقوق المؤلفين محفوظة، فالشاعر الراحل “الهادي آدم” الذي تغنت له سيدة الغناء العربي “أم كلثوم” بـ”غداً ألقاك”، كلما غنت (الست) بتلك الكلمات يكون لشاعرنا “الهادي آدم” نصيب مالي في ذلك، ولكن التعدي على حقوق الشعراء السودانيين من قبل الفنانين كأنما هو حق ملك لهم، يأخذونه بغير ثمن، وإذا أراد الشاعر أخذ كلماته من الفنان القيامة تقوم، ويدخل الأجاويد ويطالبون الشاعر التخلي عن دعوته إذا أراد أن يفتح بلاغاً.
إن حقوق الشعراء مهضومة ولا أحد يستطيع إعادة هذا الحق لهم، فكم من شاعر مجيد طرب الناس بكلماته ولكنه معدم يتلوى من الجوع، وكم من شاعر مجيد نظم أجمل الكلمات ومازال يمشي برجليه، لقد شكا قبل ذلك الشاعر الكبير “هاشم صديق” الذي كتب أروع القصائد ومازال ينتظر عربة بالطريق تقله إلى المشوار الذي يقصده، وكذلك الشاعر “مختار دفع الله” الذي شكا لطوب الأرض من (الفلس) رغم رصيده الكبير من الكلمات، والشاعر العملاق “سعد الدين إبراهيم”، بينما الفنانون والفنانات أولاد (أمبارح) يمتطون السيارات الفارهة ويسافرون إلى “دبي” و”أديس” وحتى “أمريكا” لإحياء حفلات بملايين الدولارات، يحيونها بكلمات هؤلاء الشعراء الذين عانوا المخاض في إخراج حلو الحديث وأعذبه.. هل تتدخل وزارة الثقافة أو المصنفات الأدبية بمنح حقوق الشعراء إذا ما تفضلوا بكلماتهم، أو إلزام الفنان بعقد لفترة محددة يدفع مبلغ الكلمات التي يتغنى بها للشاعر الفلاني.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية