"الزاد لو ما كفى البيت حِرم على الجيران" يا دكتور!!
الدكتور “عصام أحمد البشير” الداعية الإسلامي وإمام وخطيب مسجد (النور) بكافوري، دعا وفقاً للأخبار التي وردت إلى جمع (100) مليون دولار لإعمار اليمن بعد الأحداث التي قام بها “الحوثيون” باليمن.. إن دعوة الدكتور “عصام” جيدة، بل ممتازة، لكن ألم يكن الأوفق إن قام بهذه الدعوة لإعمار المناطق التي خربتها الحرب بدارفور أو كردفان أو النيل الأزرق؟ ألم تكن تلك الدعوة أوفق إن كانت لإعادة ترميم المدارس التي أصبحت أطلالاً في مناطق النزاعات والحروب بالسودان أو حتى المدن؟؟
ألم يكن من الأفضل أن يدعو الدكتور “عصام” لجمع هذا المال الوفير لإغاثة المتضررين والملهوفين بمناطق السودان والذين نزحوا من مناطقهم وغزوا العاصمة الخرطوم بسبب ضيق اليد والحاجة إلى العون؟؟ نحن أهل السودان إن كان الدكتور “عصام” أو غيره دائماً نمد أيدينا للآخرين قبل أن نقدم الخدمة لمواطننا بالداخل.. والمثل السوداني يقول “الزاد لو ما كفى البيت يحرم على الجيران”، فكيف يدعو الدكتور “عصام” لإعمار اليمن وبلاده بها خراب ودمار وظروف اقتصادية سيئة يعيشها المواطن الغلبان؟ ألم يكن أوفق بتلك الدعوة أن تكون لإعمار المستشفات وجلب المعدات الطبية للمراكز الصحية والمستشفيات بولايات السودان وهي في أمس الحاجة لهذه الدعوة بدلاً عن توجيهها إلى دولة اليمن؟؟ ونحن هنا لا نرفض إعمار اليمن ولا استجلاب المال لها للبناء والإعمار، لكن من المفترض أن تكون الدعوة لأولئك المحتاجين الذين شردتهم ظروف الحياة وأصبحوا شبه لاجئين في ديارهم.
فلينظر الدكتور “عصام” إلى الغبش الذين يتسولون في المواقف العامة وفي إشارات المرور.. فلينظر الدكتور “عصام” إلى الأرامل اللائي دفعتهن ظروف الحياة إلى التسول أو العمل في مهن هامشية؟ ألم يكن الأوفق أن يستجلب المال لإعانة مثل هؤلاء؟ ألم يكن الأوفق أن يستجلب المال لإعادة التلاميذ إلى صفوف الدراسة بعد أن هجروها لظروف المادة جعلت منهم “غسالي عربات” ومتسكعين بالشوارع؟ ألم يكن الأوفق أن تكون تلك الدعوة لإعادة أطفال الشوارع إلى ذويهم، أو إدماجهم في المجتمع من جديد؟!
عندما بدأت الإنقاذ لم تعالج الظروف الداخلية، بل حاولت أن تقدم المساعدة للآخرين في جيبوتي والصومال وإريتريا وإثيوبيا.. لم توجه الإنقاذ في بداية عملها داخلياً قبل أن تبدأ مع الدول الخارجية، وقبل أيام غادر عدد من المسؤولين السودانيين إلى جزر القمر لتقديم المساعدات لها في حين أن هناك قرى بمناطق الجزيرة والولاية الشمالية وربما في سنار وسنجة، وغيرها من مدن السودان، تحتاج إلى العون والمساعدة بدلاً عن تلك الطائرات الخاصة التي ذهبت إلى جزر القمر.. وحسب ما ذكرنا ووفقاً للمثل السوداني “الزاد لو ما كفى البيت حرم على الجيران”، فيجب أن نكون منطقيين وأن نعالج مشاكلنا الداخلية أولاً ومن ثم نمد أيدينا للآخرين.