ولاية الخرطوم بين الفريق والدكتور..!!
وجه والي ولاية الخرطوم الفريق أول ركن “عبد الرحيم محمد حسين” أول رسالة للمعتمدين، ربما اللغة التي استخدمها لم يعتادوها من قبل، فالوالي المدني الدكتور “عبد الرحمن الخضر” يختلف عن الوالي العسكري الفريق “عبد الرحيم”.. قال للمعتمدين (أي زول يقعد في مكتبه ما زولنا.. أي معتمد ما يكون في الشارع فهو لا يصلح لتولي المسؤولية).. هذه لغة جافة لدى المدنيين، لكنها اللغة التي تحرك المدنيين إما إلى العمل أو تركه.
وقد عرف الوالي الجديد الفريق “عبد الرحيم” بأنه لا يعرف أنصاف الحلول، فكل العسكريين يستخدمون هذه اللغة الحاثة على العمل والتفاني. وعندما تم تعيينه والياً على الخرطوم استبشرنا خيراً باعتبار أن الرجل صاحب نشاط وصاحب مبادرات وصاحب أفكار.. لذا عندما تحدث مع معاونيه من المعتمدين بهذه اللغة كان يعني أن المعتمدين مكانهم مع الجمهور في الشارع العام، يتفقدون مشاكلهم ويقفون على قضايا الأمة عياناً، جهاراً نهاراً. فالمعتمد الذي يجلس على المكتب وينتظر التقارير المضللة هذا لن يستطيع القيام بواجبه ولن تستفيد منه الحكومة ولا المواطن، لأن التجارب دلت على أن التقارير نصفها قد يكون غير صادق وبلغة أهلنا (كسير ثلج) وما أكثره في هذه الأيام، لذلك فالجميع يستبشر بجلوس الفريق “عبد الرحيم” على هذا المقعد الحساس (المتقد جمراً)، لكنه أهل له.
المعتمدون هم الساعد الأيمن للسيد الوالي ونجاحه بنجاحهم، وإذا فشلوا أفشلوه، لذلك لابد أن يتحدث بتلك اللغة الجافة كما الدواء المر فهو دائماً فيه الشفاء.. وولاية الخرطوم هي سودان مصغر، كل أبناء السودان الآن موجودون بها وإذا لم يخرج الولاة إلى الشارع العام لمعرفة الطرق التي تحتاج إلى صيانة والمجاري التي طفحت والمياه المقطوعة والكهرباء التي (تذهب وتأتي على كيفها)، فكل الخدمات لابد أن تراجع من قبل المعتمدين وبأنفسهم دون حاجة إلى تقارير مضللة من قبيل (كلو تمام يا سيد)، فهذه لغة عفا عليها الزمن.
الدكتور “الخضر” الوالي السابق كان رجلاً طيباً (وبنعرف المدنيين حنينين على بعض)، لكن تلك (الحنية) دائماً قاصمة للظهر، وما قصم ظهر الدكتور “الخضر” إلا طيبته وحنيته.. فحتى الأب داخل المنزل إذا كان حنيناً فسد الأولاد، وكلما كان صعباً يضرب وينهر تجدهم من المبرزين والناجحين. لذا فإن الفريق أول ركن “عبد الرحيم” سيكون من أنجح الولاة، لن تهمه ثورة المدنيين أو قطيعتهم أو تذمرهم بقدر ما يهمه عملهم ميدانياً، فالولاية في حاجة ماسة إلى عمل ميداني.
يقال إن المسؤولين الإنجليز في فترة الاستعمار كانوا يقفون بأنفسهم ميدانياً على كل صغيرة وكبيرة وحتى الأسواق يطوفون عليها يومياً، وتتم المعالجات ميدانياً والغرامات في الميدان، وولاية الخرطوم التي كانت مضرب المثل في النظافة والانضباط تتراجع بعد أكثر من ثلاثين عاماً بيئياً وخدمياً.. لذا نؤمل كثيراً في سعادة الفريق حتى تشبه الخرطوم عواصم العالم، وهذا ليس ببعيد، فكل المقومات موجودة، والمعتمدون موجودون.