عربات (التاتا) وتخبط الميكانيكا!!
حاولت ولاية الخرطوم أن تقدم مشاريع إنتاجية لمحدودي الدخل عسى ولعل أن تكفي تلك المشاريع المواطنين سد حاجتهم، فابتكرت الولاية مشروع عربات (التاتا الهندية) وأعطتها لهيئة الصناعات الصغيرة، وعلى الرغم من فائدة المشروع الذي يمكن من خلاله أن يسدد المواطن الإقساط الشهرية مع الاستفادة مما تبقى لظروفه المعيشية.
فالمشروع كبير مفيد ولكن دائماً مثل تلك المشاريع تهزمها قلة الخبرة والمعرفة والمتابعة، فمشروع مثل عربات (التاتا) لم يستجلب فنيين أو أصحاب خبرة في مجال صيانة وإصلاح تلك العربات، وأصبحت الصيانة عشوائية يقوم بها أناس تنقصهم الخبرة، وأصبحت العربات حقل تجارب ممن يدعون المعرفة، ولكن في الحقيقة هؤلاء لن يفيدوا المهنة بشيء كما يسيئون لأصحاب هذا المشروع الكبير.
فعربات (التاتا الهندية) الآن معطلة لدى بعض مدعي الخبرة والدراية والمعرفة وهم أبعد عن هذا المجال تماماً، لكن هذه مشكلة السودان “شيلني وأشيلك” ولو بالكذب، حتى هيئة الصناعات الصغيرة لم تكن لها ورشة للصيانة الكاملة، كل ما لديها فنيون لم تكتمل خبرتهم، وربما لأن تلك العربات جديدة عن الميكانيكية السودانيين، والميكانيكية في السودان يعملون خبط عشواء يا صابت يا خابت، فإن صابت يدعون المعرفة وإن خابت يقول ليك وديها لفلان الفلاني، وفلان الفلاني يوجهك لفلان العلاني إلى أن يقتنع إما أن تبيع العربة بتراب القروش وإما أن تتركها للظروف عسى ولعل ربنا يأتي برجل صاحب خبرة أو تجربة وكان في “الهند” وله معرفة بميكانيكية أصحاب خبرة وتجربة في ذلك. عربات لم يمر عليها أكثر من سنتين كل يوم عند ميكانيكي ويا ريت الميكانيكي يكون أمين مع نفسه ومع صاحب المركبة في حالة عجزه عن الصيانة أو عدم المعرفة بأعطالها بدلاً من التخبط العشوائي وأخذ آلاف الجنيهات.. وحال العربة نفس الحال.. إضافة إلى الاسبيرات الضاربة أو عديمة الفائدة، وحتى الإطارات منتهية الصلاحية والهيئة بدلاً من بيعها لأصحاب تلك المركبات تباع لشخص واحد لا علاقة له بها، وحينما تذهب للشراء من هذا الشخص يضاعف الثمن ثلاثة أرباع ما كانت معروضة به داخل الهيئة. هل يحق للهيئة أن تبيع كل الاسبيرات لجهة واحدة أم تبيعها لأصحاب تلك العربات التي مازالت تستقطع أقساطها منهم؟.
الأفكار في السودان أو المشاريع الجيدة تفسد بأشخاص عديمي الخبرة والتجربة، وكل ما في السودان أصبح مجرد مصالح، كل شخص يريد أن (يتكتل) على الآخر حتى يخرج بنصيب الأسد ولو لم يقدم شيئاً للدولة.
إن مشروع (التاتا) مشروع جيد ويفيد صغار الموظفين والمحتاجين، لكن تسلل إليه سوس أصحاب المصالح فأفسده وربما أفسد آخرين، لذا على الدولة في حالة قيام مثل هذه المشاريع ألا تتركها لقلة من البشر يتحكمون فيها كيف يشاءون، لابد من المراقبة اللصيقة وإكمال المشروع من كل جوانبه حتى تعم الفائدة الجميع بدلاً من هذا التخبط.