متى نعيد الثقة في الطبيب السوداني؟!
لا تخلو صحيفة صادرة بالخرطوم من تناول الأخطاء الطبية التي أصبحت ظاهرة من الظواهر ولم تجد العلاج الناجع لوقف تلك الأخطاء.. حتى الأطباء أنفسهم يعلمون تماماً أن ما يقومون به فيه أخطاء، سواء إجراء عملية جراحية أو إعطاء المريض دواءً لا يتناسب ومرضه.. ورغماً عن ذلك نسمع يومياً أن هناك خطأ طبياً راح ضحيته مريض.. مما أفقد الثقة في الطبيب السوداني الذي نجح نجاحاً باهراً في دول كثيرة، وأجرى عمليات كانت محل تقدير واحترام المريض وأهله في الدول العربية أو الأوروبية.. ولكن لا ندري لماذا يفشل الطبيب السوداني بالداخل ويصبح محل تندر وتهكم من المرضى.
قبل أيام زارني مواطن وقدم لي شرحاً عن حالة مريض من أسرته قال ان هذا المريض يعاني من إصابة في أصبعه، وقرر كثير من الأطباء بتر الأصبع، إلا أن بعض الأطباء الآخرين قرروا إجراء عملية لفتح الشريان الذي توقف عن ضخ الدم للرجل، فطلبت المستشفى التي تقرر أن تُجرى فيها العملية مبلغ ثلاثين ألف جنيه، أي ثلاثين مليون جنيه بالقديم، بالإضافة إلى خمسة ملايين أخرى علاجات. فجمع أهل المريض أطرافهم من هنا ومن دول الخليج ومن المغتربين حتى تم جمع المبلغ المحدد لإجراء العملية.. وأجريت العملية ولكن الحال في حاله.. بعد أن خرج إلى المنزل وفي أمسية من الأمسيات لم يستطع الرجل النوم، فذهب ابنه إلى أحد الممرضين بالحي فطلب منه إعطاء والده مهدئاً حتى يتمكن من النوم، فجاء الممرض ونظر إلى حالة المريض فسأل إن كان يعاني من السكر أو الضغط، فكان رد الابن أن والده سليم من هذين المرضين. فجاء بمشرط وفتح الأصبع فنزف صديداً حتى جاء الدم.. وأجرى الممرض نظافة على الجرح فنام المريض نوماً عميقاً وكأنما لم ينم من قبل، حسب شهادة ابن المريض وقريبه الذي حمل تلك المعلومات. لقد فقد المواطن الثقة في كثير من الأطباء ولذلك أصبح البحث عن العلاج بالخارج أكثر من البحث عن العلاج بالداخل، والسبب عدم اطمئنان المرضى للعلاج بالداخل.
وقبل أيام نشرت هذه الصحيفة خبرا مفاده أن طبيبة قد تم فصلها بسبب شاش تركته داخل بطن المريضة التي أجرت لها العملية، فكيف نعيد الثقة لأطبائنا ولمستشفياتنا التي كان يلجأ إليها المرضى ليس من السودان فحسب، ولكن حتى من الدول المجاورة.
فالطبيب السوداني بالمستشفيات خارج البلاد محل ثقة المرضى ولم نسمع أن طبيباً سودانياً قدم لمحاكمة، بسبب إهماله أو فشله في عمله.. فلا ندري لماذا ساءت سمعة الطبيب بالداخل..؟ وهل كليات الطب أصبحت تخرج أنصاف أطباء أم أن هناك مشكلة، حتى الطبيب نفسه لا يعرفها.. نسأل الله أن ينعم على المرضى بنعمة الصحة والعافية وأن تتجدد الثقة في أطبائنا فهم ملائكة الرحمة.