الجامعات ساحات للعلم وليس للقتل!!
إلى متى تستمر عمليات الاغتيال بين الطلاب وإلى متى تتحول حلقات النقاش والأركان إلى عداء بين الزملاء؟! لقد ظلت العملية السياسية داخل الجامعات محاولة للنيل من زملاء الدراسة عكس ما هو موجود بين كبار السياسيين فلم نسمع في يوم من الأيام أن قيادات الحزب السياسي الفلاني تعرضت إلى قتل مجموعة أو فرد من الحزب العلاني عكس ما هو موجود في جامعاتنا التي تتصدر قائمة القتل والتربص بين الزملاء، وحتى حالات القتل التي وقعت بين الطلبة يرافقها فشل في الوصول إلى القاتل الحقيقي فتصبح اتهامات والقاتل مجهول.
لقد جرت حالات قتل كثيرة في جامعاتنا وكلها بسبب العنف اللفظي الذي ينتهي في النهاية بازهاق الروح.. فقد حدثت في وقت مضى حالة قتل لأحد الطلبة بجامعة الخرطوم في صراع محموم بين الطلبة الاسلاميين واليساريين وحالة القتل جاءت بسبب إحدى الرقصات ضمن برنامج ثقافي فلكلوري أقيم بالجامعة فالاسلاميون لم يرضوا بتلك الرقصة واليساريون كانوا مصرين على إقامة برنامجهم فاندلعت المعركة بين الطلبة وربما حالات استفزاز تطورت إلى معركة استخدمت فيها آلات حادة نتجت عنها حالة القتل، ولم تتوصل الشرطة إلى القاتل الحقيقي، وفقد الطلاب زميلا لهم بسوء التصرف.. كذا الحال حينما وقعت أيضاً حالة قتل إبان الديمقراطية الثالثة بجامعة القاهرة الفرع، النيلين حالياً ووجهت أصابع الاتهام إلى ياسر عرمان ولكن لا دليل على ارتكابه الحادثة وإلا لطالته يد القانون ووجهت له تهمة القتل العمد.
إن السؤال الذي يتردد دائماً سواء في وسط الطلاب أو خارج حرم الجامعة هل النقاش وأركانه داخل الجامعات دافع أساسي للقتل؟ فكيف بأولئك المستنيرين من الطلاب يعجزون في إقناع الآخرين بوجهة نظرهم فيلجأون لاستخدام السيخ أو العصي أو الرصاص.. فإذا أولئك المستنيرين من الذي ينتظر أن يحكموا البلاد، فما بال الجالسين على الرصيف أو الذين يحتسون الخمر في الأنادي؟ ولماذا نعيب عليهم عندما يستخدمون الآلات الحادة أو غيرها من أدوات الدفاع عن النفس عندما يقف المنطق عاجزاً.
إن الجامعات السودانية حينما دفع الآباء بأبنائهم إليها ، لم يدفعوهم لتعلم السياسة وإنما لتعلم علم ينتفعون به وينتفع به الوطن بعد تخرجهم.. ولكن الطلبة وهم في أطوار المراهقة يُزين لهم أنهم أصبحوا من كبار الساسة أو أنهم مدافعون عن هذا التيار أو ذاك، ولكن أولئك الطلبة لا يدرون أنهم ما زالوا في بداية سلم السياسة لأن السياسة فن الممكن، ولابد أن يتسع صدر من يتعامل معها وعليه أن يحتمل الآخرين، ولذلك ما يميز ساستنا الكبار احتمالهم لبعضهم البعض، فإذا أقيمت ندوة ما، وشن أحدهم هجوماً على الآخرين عندما تنتهى الندوة تجدهم في سيارة واحدة، وفي مكان طعام واحد، لذا لابد من نصيحة لهؤلاء الشباب والطلاب: أبعدوا من العنف وأتركوا الجامعات لنيل العلم بدلاً من القتل.