طلاب الحركات!
سقط طالب بكلية شرق النيل الجامعية شهيداً، قتلاً وغيلة بواسطة عناصر من الطلاب موالين للحركات المسلحة والجبهة الثورية، الشهيد “محمد عوض الزين” دفع حياته ثمناً لتهور البعض من زملائه ممن يظنون أن النضال ودعم القضايا يكون بالعنف وإسالة الدماء، وهو أمر تكرر في أكثر من جامعة ومعهد، فإن لم تزهق الأرواح فأعمال الحرق للمكتبات والقاعات وربما الاعتداء على الأساتذة تكون دوماً حاضرة .وهذا مؤشر غير حميد، فإن كان طلاب الجامعات يفعلون ذلك لحل خلافاتهم فكيف يصنع عوام الناس في المواقع الأخرى لجهة أن الجامعيين هم مظنة الوعي والاستنارة الخالصتين.
وأما طلاب الحركات المسلحة – وهكذا يعرفون بين الطلاب للعجب – فأمرهم آخر، وترتيبهم بدعة من بدائع هذا البلد الذي يكاد يكون الوحيد الذي يمكن لحامل السلاح فيه والخارج على القانون المروع للآمنين أن يكون له حزب وجماعة ورهط من المناصرين يخاطبهم في الساحات عبر الهاتف، وتنعقد له لواءات الولاءات بين مكاتب الطلاب وتنشر صوره في الصفحات الأولى كوجيه من وجهاء القوم! وطلاب الحركات في الجامعات كل شواغلهم إما تنظيم مخاطبات تنضح بالحقد والعنصرية في خطاب تخويفي أو الاندفاع نحو زملائهم بأعمال الترهيب، إذ لا ينفض مقام لهم إلا وقد حف بالدماء والجراح إن لم يكن ضد زملائهم في القوى الأخرى فضد أنفسهم حينما يختلف الرفاق بناء على تصنيف الفخذ العشائري والقبلي.
ليس مطلوباً قطعاً أن يكون كل طلاب دارفور مناصرين للحكومة هذا ليس منطقياً بالطبع، لكن يفترض بهم أن يكونوا عوناً لأزمة الإقليم بحسن التصرف والسلوك البعيد عن الاشتطاط، فالحكومة تحارب حركات (العدل والمساواة) و(تحرير السودان)، لكن وللأمانة فإن الأذرع الطلابية لتلك الحركات لم تحظر بل حتى أعمال (التخريج) كان يجرى لبعضها و(علم) حركة عبد الواحد نور مثلاً يستظل به الخريجون، ويبدو أن هذا الوضع قد أغرى بعض الجيوب بممارسة أنشطة أقرب إلى النشاط السياسي والأمني الهدام وهو ما يجب أن يتم التعامل معه وفق تدابير تحفظ أولئك الطلاب من أنفسهم وتحفظ السلام العام بالبلاد.
الظروف الحالية وحالة الإحساس بالهزيمة والانكسار بين المتمردين في فلواتهم أو منافيهم قد تدفع بعض الجهات لجعل طلاب الحركات وعموم القاعدة الطلابية ساحة لإشاعة التوتر وارتكاب الحماقات، وواضح أن اغتيال “عوض الكريم” كان عملاً متعمداً ومقصوداً من طريقة تنفيذ الاغتيال إلى توقيته، وهو عمل أعتقد أن له امتدادات داخل الجامعات وخارجها، فالتمرد الذي أدمت القوات المسلحة والدعم السريع قلبه سيفعل أي شيء لإحداث جرح بليغ وغائر بالحكومة وهو ما يستوجب ابتداء توفير أقصى درجات ضبط النفس وتجنب الانجرار لأية استفزازات خاصة من الطلاب المناصرين للمؤتمر الوطني أو عموم القاعدة الطلابية وهو قبل ذلك ما يستوجب أيضاً أن تكون السلطات في قمة يقظتها وخفتها لاستدراك أي خروج عن النص بأية صيغة من أية جهة.