السودان لن يكون صومالاً آخر!!
في انتخابات 2010م، التي جرت بالبلاد آنذاك وخاضها الإمام “الصادق المهدي” زعيم حزب الأمة والأنصار، قبل أن يعلن انسحابه و”ياسر سعيد عرمان” عن الحركة الشعبية و”عبد الله دينق نيال” عن المؤتمر الشعبي، و”مبارك الفاضل” حزب الأمة الإصلاح والتجديد ودكتورة “فاطمة عبد المحمود” عن الاتحاد الاشتراكي، وغيرهم ممن ترشحوا لرئاسة الجمهورية، كانت تلك الانتخابات تحظى بزخم إعلامي كبير وتدفقت وكالات الأنباء من كل صوب وحدب ووجدت اهتماماً عالمياً.
ولم يكن تدفق الوكالات والفضائيات للتغطية إلا لشيء في نفس يعقوب، وهو أن تلك الانتخابات سوف تسيل فيها الدماء وسيطلق الرصاص وستحدث فوضى عارمة، ستجد تلك الفضائيات والوكالات مادة تعيش عليها فترة من الزمن، ولكن خاب أملها. فلم يحدث ما كان متوقعا وسارت الأمور بكل هدوء رغم المعارضة العنيفة للنظام، إلا أن الشعب السوداني أثبت أنه أكثر شعوب العالم وعياً وإدراكاً.. كان المواطن يعلم أن أي رصاصة تنطلق ستحول السودان إلى صومال، ولذلك تعامل معها بالحكمة وبالمنطق فمنهم من ذهب في صمت وأدلى بصوته ومنهم من قاطع في صمت وجلس في منزله، وها نحن الآن نخوض تجربة الانتخابات بعد خمس سنوات من الماضية، لتبدأ اليوم جولة السباق على الرئاسة التي يتنافس عليها ستة عشر مرشحاً وأربعة وأربعون حزباً سياسياً، وثلاثة عشر مليون ناخب سيدلون بأصواتهم، ورغم الزخم الذي حظيت به انتخابات 2010م،.. فإن الأمر مختلف الآن تماماً. فحرارة التنافس ضعيفة جداً، ولا يوجد حماس كما كان في السابق.. إما زهداً من الناخبين أو بسبب المقاطعة غير المعلنة.
فاليوم يبدأ التنافس الشريف لانتخابات 2015م، رغم أن الكثيرين يؤكدون على اكتساح المؤتمر الوطني لها وبنسبة كبيرة جداً، والسبب أن المنافسين للمؤتمر الوطني أحزاب آثرت ألا تضيع أموالها، طالما أن المؤتمر الوطني وعدها وعداً قاطعاً بإخلاء دوائر مضمونة له، فلماذا “البذار” وخسارة الأموال، فلينتفع بها الحزب أو فلينتفع بها الأفراد طالما الأمر محسوم فيها.. أما التخوف والتوجس الذي يسيطر على المواطنين الآن، من محاولات تخريب من هنا أو هناك ، فلا مبرر له إذ إن الوضع تحت سيطرة الأجهزة الأمنية، التي وفرت عدداً كافيا لعملية التأمين. وحسب ما ذكرنا في البداية فإن المواطن السوداني لا يميل للعنف ولا يريد أن يصبح الوطن مثله ومثل دول الربيع العربي، التي مازالت في حالة رعب ودمار وخراب، فالمواطن السوداني يريد أن يعيش في أمن وسلام ولا يهمه من الذي سيفوز بنتيجة الانتخابات. المهم عنده أن يعيش في سلام بعيداً عن طلقات الرصاص أو عمليات الدمار التي يشاهدها يومياً عبر الفضائيات، للدول التي كانت تنشد التغيير ولكنها تحولت إلى التدمير.. نحن شعب علمنا الشعوب عملية التغيير بأسلوب حضاري، فلن يكون العنف وسيلة هذا الشعب. لذلك لن نتوقع طلقة واحدة تعكر صفو هذا الجو.