مع وزير الخارجية المصري
قدم وزير الخارجية المصري “شكري سامح” صورة زاهية ومقابلة لم تخطر على بالنا نحن كوفد إعلامي سوداني في إطار زيارته لمصر بغرض اختراق الجدار الحديدي للمسؤولين المصريين وخلق علاقة قوية ما بين الإعلام السوداني والإعلام المصري والمسؤولين في جمهورية “مصر العربية”. عندما وصلنا إلى مقر وزارة الخارجية المصرية وجدنا رهطاً من الإخوة المصريين العاملين في الوزارة في استقبالنا من بينهم سفراء كل واحد من أولئك يقوم بدوره في هذه الزيارة، في الطابق الثاني جهزت قاعة فخيمة للقاء، جلس كل واحد منا في المكان المحدد له في تلك القاعة الأنيقة، تأخر وفدنا عن الزمن المضروب وهذه عادة السودانيين عدم الالتزام بالمواعيد وعدم الفكاك من تلك العادة السيئة التي وضعتنا في صورة أكسل شعب.
بعد وقت ليس بالقصير من الانتظار دخل السيد وزير الخارجية في حليته الأنيقة ومعه شخصان الأول السفير “بدر” وهو من محبي السودان وكان من ضمن الذين رتبوا للقاء ومعه آخر، جلس السيد الوزير وإلى جواره علم مصر، في البداية قدم اعتذاره عن التأخير ومن ثم رحب بالوفد، وقال تلفون من وزير الخارجية السوداني الأستاذ “علي كرتي” أخره، ويبدو أن المحادثة كانت متعلقة بزيارة هذا الوفد. تحدث السيد الوزير عن العلاقات الأزلية بين شعبي وادي النيل، ثم تطرق للمؤتمر الاقتصادي الذي عقد مؤخراً بـ”شرم الشيخ” بغرض تنمية مصر، شارك فيه أمراء دول الخليج وعدد من رؤساء أفريقيا ومن بينهم الرئيس السوداني “عمر البشير” والذي أثنى عليه السيد وزير الخارجية والمبادرة التي قدمها وهي أن أرض السودان جاهزة لاستغلالها لتنمية مصر. السيد الوزير بعد الانتهاء من تقديم شرح كامل عن دور مصر في المنطقة العربية والإسلامية والأفريقية طلب الاستماع من الوفد وأن يأخذوا راحتهم في الأسئلة، قال لأنني أريد أن أسمع منكم.
في البداية شكر الأستاذ “جمال عنقرة” رئيس الوفد والذي رتب للقاء قدم الوفد وهدف الزيارة وسد النهضة، ومن ثم تحدث الزملاء طارحين أسئلتهم دون أية تحفظات، كانت أسئلة ساخنة مما دفع الإخوة المصريين الذين يجلسون على يمين السيد الوزير وعلى شماله لتقديم قصاصات صغيرة، يبدو أنها تنبيه له بعدم الخوض في الإجابات لأن الأسئلة فتحت (ملف حلايب)، وربما السيد الوزير لم يخطر على باله أن يكون من ضمن الأسئلة هذا السؤال، إضافة إلى النظرة الدونية للشعب المصري للسودانيين والمعارضة السودانية ووجودها بمصر مثل وجود الإمام “الصادق المهدي” ومولانا “الميرغني” والحركات المسلحة رغم سخونة الأسئلة، ولكن السيد الوزير أجاب عنها بدبلوماسية هادئة لم يتوقع ممن قدم الأسئلة ستكون الإجابة بهذا المستوى، فمثلاً (ملف حلايب) قال إن القيادات في البلدين الرئيسين “البشير” و”السيسي” اتفقا على عدم الحديث عنها والالتفات لما هو أهم ويخدم أغراض البلدين. أما وجود المعارضة السودانية قال أرض مصر مفتوحة للسودانيين بشرط عدم ممارسة أي نشاط سياسي. السيد الوزير قبل أن يكمل الإجابات جاءته ورقة صغيرة من سكرتاريته قال بصوت مسموع حاضر عشر دقائق بعدها ذهب وعاد وقال هناك محادثة من السيد الرئيس، عاد الوزير وأكمل الإجابات على الأسئلة ومنح من لم يسألوا الفرصة للسؤال، وكل الوفد المكون من العشرين شخصاً عبر عما يجيش بخاطره من سؤال ووجد الإجابة، السيد الوزير كان في منتهى الصراحة والوضوح والإجابات بمنتهى الدبلوماسية المعهودة لدى كل دبلوماسي. في نهاية المقابلة التقط الجميع صوراً تذكارية منفردين أو مجتمعين أو صوراً للمادة الصحفية التي سيقدمونها، كما تركت تلك الزيارة صدى طيباً في النفوس بين الجانبين. السيد الوزير عرف كيف يفكر الإعلام السوداني وقدم صورة زاهية للوفد الإعلامي السوداني ستظل راسخة في الوجدان.