من وحي الأخبار

إذاعة "كمال الصادق"..!!

منحت مؤسسة حرية الصحافة غير المحدودة الهولندية التي تقوم بتشغيل مشروع (راديو دبنقا) جائزة حرية الصحافة والتعبير والدفاع عنها وهي- والقول لهم- جائزة سنوية عالمية تمنح للأفراد أو المنظمات التي تلعب دوراً في حرية الرأي والتعبير والصحافة وحقوق الإنسان والتصدي لها في أية بقعة من العالم، وقد حظي الأستاذ “كمال الصادق” الصحفي المعروف بجائزة ضمن هذا الحفل. ودون النظر إلى التفسيرات السياسية والتصنيفات فإن استفهامات ملحة تتعلق بمثل هذه الجوائز وهل هي مغانم مهنية؟ أم محض مانيفستو سياسي يتخذ من الإعلام سلماً ومرتقى؟ وذلك أن قليل تبصر وقياس لأداء (راديو دبنقا) يكشف بجلاء أن المهنية والحقيقة في جهة ومنتوج تلك الإذاعة في جهة أخرى.
رصد قليل لمنشورات ومذاع الراديو يكشف بغير كثير عناء مخالفته لأبسط قواعد العمل المهني المحترم، بل ويبدو مرات كثيرة أقرب إلى أعمال الهواة، هذا مع تقديري لخبرة “كمال الصادق” وكونه صحفياً مشهوداً له بالتميز والنباهة، وأكاد أجزم أنه في موقعه الحالي إنما يضع اسمه مثل التميمة، إذ أشك في أن الرجل نفسه قد يكون مقتنعاً بأن ما ينشره صحفيوه على (دبنقا) أعمالاً صحفية صحيحة سواء أكانت خبراً أو تعليقاً ذلك أن ما تقوم به الإذاعة الهولندية المخصصة لتغطية النزاع بدارفور لا تراعي في غالب ما تنشر الدقة المطلوبة، ولا تتسم بالحياد، وتحرص على نشر روايات سماعية من طرف واحد تهمل معه عمداً الإحاطة برأي الطرف الآخر، وتعاني رسالة الإذاعة بالإجمال من انحياز في التغطية الخبرية مما يجعل أخبارها محرفة وملونة لخدمة أهداف وجهات معينة!
الخط التحريري لإذاعة الأستاذ “كمال الصادق” يقوم على الانحياز بالمحاباة القائم على حجب الآراء والمواقف الحكومية أو القريبة منها في مرويات وأخبار دارفور، وبالمقابل تتم تقوية جانب القصص الأخرى الداعمة للمتمردين أو ما يمكن عدّه مزاعمهم حول أعمال العنف والاغتصابات صحت أم لم تصح، وأقرب أمثلة ذلك رواية أحداث (تابت) المستلهمة أصلاً من كتابات نشطاء موالين للتمرد روجت لها (دبنقا) وتعامت تماماً عن حقيقة واقع الأمر عند السكان المحليين، وهو ما يشير إلى وقوع قدر مما يسمى الانحياز بالحذف الاختياري حينما يتم تعمد تغييب الحقائق المؤيدة لواقع ما لصالح إظهار ضعفها لدعم رواية أخرى مناقضة يراد إثباتها، وفي (تابت) رجحت الإذاعة وأعلت قول المتمردين بوقوع حادث اغتصاب لمائتي امرأة وتجاهلت شهادة الأهالي أنفسهم مما دفع أولئك للسعي لمقاضاة الإذاعة الهولندية التي تفوز للعجب بجائزة تتعلق بحرية التعبير وحقوق الإنسان.
ثمة اختلالات مهنية مريعة في (دبنقا)، وهذا لا يؤهلها إطلاقاً للحصول على أية جائزة تتعلق بموازين قسط مهنية، وهو ما يعني ببساطة أن تلك الجوائز يغلب عليها التلوين السياسي، فكلما كنت ضد الحكومة لا يهم أحد دقة المعايرة التي تنطلق منها رسالتك، كن نشاطاً وناشراً للكذب والخرافات تكون بطلاً ومكرماً وحائزاً على الجوائز.. ولهذا فالأدق أن يتم تدشين تلك المناسبات من فوق منابر سياسية، هذا أكرم من استمراء الكذب بانتحال صفة المهنية الإعلامية للكسب والانتصار.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية