تقرير الممارسة المهنية..!!
أثار تقرير المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحافية حول التحقق من الانتشار للعام 2014م الذي أعدته الأمانة العامة للمجلس أصداء واسعة في الوسط الصحفي، وتوالت تعليقات المعلقين عليه من الزملاء الصحافيين، وتوسع النقاش في (قروبات) التواصل الاجتماعي، وكل طرف يدلي برأيه، وبعضهم يقدم مقترحات وآخر يقدم ملاحظات، لكن ما لمسته أن التقرير حظي باهتمام كبير وصيت يجعله بحاجة لأن يكون في المرة المقبلة مصطحباً كل الآراء والمقترحات، لاسيما أن الكم هائل للصحف العاملة بصورة منتظمة خلال العام والتي وصلت (47) صحيفة موزعة على (29) شاملة و(11) رياضية و(7) اجتماعية رغم أن الفاعلة لا تتجاوز الخمس أو الست صحف، وهي المستقرة حتى في أحوال صحفييها الإدارية والمالية.
وددت لو أن مجلس الصحافة أعد تقريراً آخر لا يقل أهمية في تقديري عن التحقق، وهو تقرير الممارسة المهنية على نسق التجربة المصرية التي يصدر فيها المجلس الأعلى للصحافة تقريراً سنوياً عن أكثر الصحف التزاماً بالمعايير المهنية وتلك التي تكثر خروقاتها.. وفي تقديري أن عملاً مثل هذا هو ما تحتاج إليه التجربة السودانية، وأعتقد أن آخر تقرير من هذه الزاوية أنجز قبل أربع سنوات تقريباً عبر أحد مراكز الاستشارات والبحوث بالخرطوم، وتطرق إلى مهنية الصحافة السودانية والمعوقات التي أدت إلى توقف عدد من الصحف، بالإضافة إلى مناقشة أوضاع الصحافة الولائية والمطابع الصحفية وارتفاع تكلفة إنتاج الصحف.
مبحث مهنية الصحافة المحلية بالسودان يومذاك نوه إلى تزايد الأخطاء اللغوية والمهنية والتركيز الكامل على أخبار الخرطوم مقابل إهمال الولايات، إلى جانب سلبيات ونواقص مثل إهمال الصور والرسوم، فضلاً عن إعلاء قيمة العمود الصحفي مقابل إهمال المقالات مع عدم مراعاة التوازن في عرض الأشكال الصحفية المختلفة، حيث يتم التركيز على أشكال محدودة وإهمال أخرى مثل التحقيقات. ولا ينتهي الأمر هنا، بل يمتد إلى إشكاليات الاعتماد على المصادر المجهولة في الأخبار، وهي ملاحظة أتوقع ازدياد أثرها مع ثورة مواقع التواصل الاجتماعي التي صارت وحدها وكالات أنباء متحركة، تحرر من تلقاء نفسها وتقدم الخبر والقصة!!
تقديري أن الاهتمام بمبحث في هذه الاتجاهات والملاحظات هو أهم ولازم لأنه يعالج إشكالات تنعكس على تقرير التحقق من الانتشار، فالصحافة السودانية تعاني من إشكالات مهنية كبيرة وظاهرة لا يجوز التعامي عنها، وإنما يجب فحصها ووضع حلول ومقترحات بشأنها وإلا فإن الجمهور والقراء سينصرفون عنها، والقارئ السوداني ذكي ولماح وهو يعرف، أعلن المجلس أم لم يعلن، ما هي الصحف ذات الرسالة والمحتوى وما هي الصحف (القاعدة ساكت)، ولا يوجد أفضل من هذا القارئ حكماً ومراقباً.
أعتقد أننا بحاجة إلى مراجعة شاملة وتقييم عام لحالنا الصحفي، وهذه قضية يجب أن يتم التعامل معها بوعي كبير من كل الأطراف الحريصة على رسالة الصحافة وواجبها.