الديوان

حلم مؤسسة يتحول إلى مدينة جامعية والآن كاد أن يصبح في خبر كان

أنقذوا معهد سكينة
الخرطوم – أسماء علي
(لماذا يقف وجود طفل معاق في أسرة ما حجر عثرة أمام شقيقاته ونخجل ونذوب خجلاً إذا كان لدينا طفل معاق؟ ومن الذي يضمن أن تأتي ذريته مبرأة من كل عيوب الإعاقة؟ لا أحد.. لا أحد، خاصة في هذا العصر المليء بالتعقيدات والتلوث وتعثرات الوضع والضغوط النفسية والإصابة بالحصبة الإنمائية أثناء الحمل والإصابات والحوادث.. وعشرات من الأسباب التي يمكن أن تكون نتيجتها إعاقة عقلية أو بدنية). هذا مقطع من حديث الراحل البروفسور “فيصل محمد مكي” – مؤسس معهد سكينة لتأهيل وتعليم ورعاية الأطفال ذوي الإعاقة، (تسألوني من أين كنت أصرف على هؤلاء الأطفال وهل كان أحد يعينني؟ لقد كنت أنفق عليهم من دخل عيادتي وكلمات السخرية والاستهزاء تطرق أذني كدوي الطلقات ولا أعير لها اهتماماً، ولكن الكارثة التي كانت  تدخرها لي الأيام كانت أقسى على نفسي من أي شيء آخر، إذ إن جيراننا في الحي قدموا شكوى ضدي للمجلس وللسلطات بحجة أني أوي بمنزلي أطفالاً يحملون شتى الأمراض وأنهم يخشون على أطفالهم من العدوى وعلى أنفسهم من الإزعاج، وأمرتني السلطات رسمياً بجلائهم فوراً من المنزل). وقع هذه الكلمات التي خلدت بعد رحيل صاحب هذه المؤسسة مما جعل (المجهر) تحمل أوراقها  وتسعى لمعرفة هذا التدهور، فكانت لنا جولة داخل المعهد وقد تبدى لنا المشهد كالتالي: (منظر باهت ابتدءاً من الحوش الذي كانت تزينه النافورة ومروراً بصالات الألعاب التي لا تحتوي على لعبة واحدة وحتى أرضيتها مفروشة بالحصحاص الذي قد يسبب جروحاً في حال سقوط هؤلاء الأطفال عليه وكيف لا يسقطون وهم في الأساس معاقون ولا يمكنهم الاعتماد على أنفسهم، أما الموظفون حالهم ليس بأفضل فهم يعملون بمرتبات هامشية ولا يتذمرون، الشيء الذي جعلنا نجلس مع المدير اختصاصي الأطفال دكتور “صلاح محمد مكي”، الذي قال إن الراحل البروف “فيصل” انشأ المعهد تحت شعار (ترحموا بضعفائكم) وهو طوعي غير ربحي، عندما ذهب للرئيس السابق “جعفر نميري” طالباً المساعدة قال له “نميري” (إنت طبك كان غلبك شوف ليك حاجة تانية)، ولكنه لم يحبط وذهب للوالدة التي صرفت كل ما تملك من ذهب وقروش وبدأ العمل بالمنزل، ولكن احتجاج الجيران أوقف المشروع وبعدها تم بناء فصول في نادي العمال. واستهدف المعهد كل الإعاقات في كل الاعمار وكان يصرف عليهم من دخل عيادته، وكانت له علاقات اجتماعية واسعة، ومن أشهر الأشخاص الذين قدموا للمعهد الشهيد “الزبير” وهو زميل الراحل في (مدرسة وادي سيدنا)، ولكن بعد وفاته تدهور الحال وتقف دعم العيادة وتوفى كثيراً من الخيرين وتوقفت الإيرادات التي كان يوفرها الراحل بعلاقاته.
هذه مساحة كان من المخطط أن تصبح مدينة جامعية وسكناً للطالب فهو كان يحلم أن يأتي الأطفال من جميع بقاع الوطن، وهذه التربة في الوسط كان مقترحة لنافورة للأطفال المصابين بضمور العضلات ،ولكن كل هذه الأحلام تناثرت لعدم الإمكانيات، أما مباني المجمع الإسلامي وضع حجر أساسها الرئيس “البشير” منذ العام 1989 وإلى الآن لم نر أية مساعدة من الدولة مما دفعنا إلى بناء مسرح للمناسبات نقوم بتأجيره لزيادة الدخل ومساعدة المعهد، إلا أن هذا المسرح لا يتم تأجيره كل يوم وفي بعض الأحيان يمر أكثر من شهر أو شهرين لا يؤجر.
لكن يبدو أن الحال لا يبقى على ما هو عليه، فرغم التاريخ العظيم لهذا المعهد وما قدمه للوطن والمجتمع والأسر بصورة خاصة من عظيم مساعدة واهتمام، إلا أن رياح التدهور عصفت به، بعد رحيل ربانه بدأت المعاناة تلوح في الأفق وتوقفت كثير من المشاريع المرجوة والتي خطط أن تكون دعماً وتوسعة لهذا الصرح، وبعد أن كان يأوي مئات الأطفال من شتى أحياء العاصمة أصبح الآن عسيراً عليه أكثر من خمسين أو ستين طفلاً، ولكن نحن بإذن الله لا نتخلى عن هذا المعهد حتى آخر أنفاسنا، وهناك احتياجات كثيرة ليمضي المعهد قدماً، لذلك نناشد عبر (المجهر) ذوي القلوب الرحيمة أن ينقذوا (معهد سكينة).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية