ولنا رأي

شماعة الصحفيين تتحمل أوزار المسؤولين!!

إخفاقات الساسة تُعلق دائماً على شماعة الصحفيين.. فكلما صرح وزير أو مسؤول تصريحاً (مشاتراً) وتصدر صفحات الصحف وكان المسؤول محل مساءلة وضغط من الجهاز التنفيذي حمل مسؤولية هذا التصريح البئيس إلى الصحيفة التي لم تكن دقيقة في النشر.. والمسؤول لم يكن على قدر المسؤولية في تحمل ما أدلى به من إفادات جارحة أو غير دقيقة لمندوب الصحيفة أو جاء حديثه أو إفاداته في ندوة عامة أو تصريحات لمجموعة من الصحفيين.. لا ندري لماذا المسؤولون دائماً يتنصلون عن أخطائهم؟ لماذا يرمون الصحفيين بعدم الدقة في النقل.. فكم من صحفي فقد وظيفته بسبب مسؤول تنصل عن ما أدلى به، وكم من رئيس تحرير لم يقف مدافعاً عن محرريه، وكم من رئيس تحرير (رجف) من اتصال لوزير أو مسؤول كبير لأن الصحيفة جاءت بأخبار لم تصادف هواه.
إن الساسة في بلادنا ينتشون في اللقاءات العامة ويطربون لصيحات الجماهير ويتفاعلون مع ضربات النحاس والنوبة وزغاريد النساء فيتحدثون وكأنهم في سكرة، فيخرجون بذيء القول وحينما يفيقون من تلك السكرة وتكون الكلمات البذيئة قد وجدت استنكاراً من جماهير الشعب فليست هنالك طريقة للتراجع عنها إلا بوضعها على شماعة الصحفيين التي تحملت وزر أولئك أكثر من اللازم.
أذكر في وقت سابق قال أحد الوزراء كلاماً لم يكن دقيقاً تناولته الصحيفة كما جاء من السيد الوزير، لكن جاء أصحاب الدفوف و(الطار) يحملون نفياً قاطعاً لما قاله السيد الوزير وأقسموا أن السيد الوزير لم يدل بهذه الآفات كما جاءت في الصحيفة، لكننا لأننا نعلم مقدرة محررينا لم نسمع لا كلام الوزير ولا كلام مدير علاقاته العامة، فلا يمكن أن أكذب محرري الذي تعاملت معه سنوات وهو صادق في نقله تماماً وأصدق الوزير الذي لم يكن دقيقاً حينما تحدث لهذا الصحفي أو هذه الصحيفة، وقفت إلى جانب المحرر ولم أنف ما جاء في بيان الوزارة، وحينما التقيت الوزير في نفس اليوم وجدت أن السيد الوزير لم يتعرض لأية حادثة كما ادعى بيان الوزارة، فاحترمت هذا الوزير لأنه كان صادقاً ولم يجار موجة الهتيفة وأصحاب المصالح والحاشية و(مكسري الثلج).. لقد فقد أحد المراسلين السودانيين وظيفته بسبب تصريح لأحد الوزراء، الذي عندما تعرض لضغط من الجهاز التنفيذي نتيجة تصريحه غير الدقيق ما كان منه إلا أن ألقى باللائمة على الصحفي وقال إنه نقل حديثه خطأ، فصدق مسؤول الصحيفة العربية الوزير وكذب مراسله واستغنى عنه في الحال.. أين يذهب السيد الوزير من عقاب المولى؟ ولماذا لم يكن شجاعاً وقتها ويطلب تصحيح الخبر بدلاً عن قطع رزق هذا الصحفي؟!
حقيقة.. وزراؤنا ومسؤولونا يحبون التلميع بشرط ألا يؤدي إلى فقدانهم الكرسي الذي يجلسون عليه!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية