من وحي الأخبار

إشانة سمعة شعب!

قرأت ولم أسمع التصريحات المنقولة صحفياً وإسفيرياً عن رئيس الشبكة السودانية لمكافحة (الايدز) “إبراهيم محمد الحسن”، في معرض تأكيداته على ارتفاع نسب (الايدز)، إذ قدر الحسن – والاسم سالم – بنحو  (450) ألف في البلاد وأن الشواذ جنسياً عددهم (150) ألف شاذ! وحقيقة أنى اعتذر لجمهور القراء عن هذه المداخل (الشينة) لكن القول بصورته تلك يثير التعجب والحيرة، وهو قول لا يمكن إطلاقه هكذا خبط عشواء دون تثبت وشواهد موضوعية ومعايرة دقيقة للقياس والإحصاء، فهذا شرف بلد وسمعة وطن ولا يمكن التعامل معها بتلك الطريقة.
هذه أرقام مخيفة، ولها دلالة مرعبة، إن أطلقت هكذا، وتحولت إلى واقع وحديث ينقله الرواة دون تثبت. المجتمع السوداني صحيح أن اختلالات كثيرة طالته لكن الأصح من هذا أنه لا يزال محافظاً وبه روح انضباط عالية. وشخصياً لن أصدق هذه الأرقام أو أعتد بها، ولو دعي لأن أتحدى هذه المنظمة وأطالبه أن يسمي لنا بـ(النفر) أين هؤلاء، هذا مع يقيني بأن هناك سفلة وساقطون على الطرقات وفي كل الأماكن وهذا شأنهم والله حسيبهم، لكنهم مهما بلغوا لن يكونوا بهذا الحجم العريض  من كتلة السوء.
إن صح القول ولم يكن قد زيد الحديث وحرف وإن كان قولاً كامل الأركان دفع به رئيس الشبكة الطوعية، فإن السؤال البديهي هنا كيف أحصت الجهة المخرجة تلك الأرقام؟ هل أحصت البائعات وعدتهن بالرأس وفق إثبات يقول إنهن كذلك، هل استعانت بإحصائيات محاكمات وضبطيات وكذا الحال لنسبة وإحصائية الشاذين؟ هذه استفهامات مهمة والإجابات عليها يجب أن تكون حاضرة لاختبار مدى صدق أو صحة القول، وحتى لا ينحرف المسعى ليكون مجرد توجه لما يمكن تسميته تضخيم الآثار والمتعلقات بالايدز للحديث عن نسب تحظى بدعم مؤسسات ومنظمات !
الشاهد أن اللجان والجمعيات والجهات المعنية بمكافحة هذا الداء وطنياً عليها أن توسع مداركها، وأن تتعامل مع تفويضها وفق اتساع أفق أكبر مما نرى، لأن كل ما نراه فقط مجرد نسب تتقافز بين حين وآخر، تبشر السودانيين بسوء المنقلب في أواخر أعمارهم بين نسب تزيد وتنقص دون تقديم تفسيرات. ويحدث هذا مع وجود إشكالات في طبيعة المجتمع السوداني والتعامل مع هذا المرض الذي يصنف عند مواطنينا، بكون المبتلى به سيئ السلوك ومنحرف ولو كانت وسيلة الانتقال والإصابة عفوية وقدراً.
هذا الوطن (مش ناقص) حتى يُشتم شعبه وأرضه وسماؤه صباح مساء، هذا تلويث لوجه هذه البلاد الكريمة والتي تواجه حتماً وقطعاً مهددات (الايدز) وغيرها من الرزايا، ولكن هذا يجب ألا يكون مدعاة البتة لإطلاق (الكلام الساكت). وهذا المرض لا يحارب بتوزيع النسب والأرقام، وإنما بالتوعية التي تسهل التواصل معه في أطوار المكافحة أو العلاج على نحو ما فعلت دول مثل أوغندا وإثيوبيا وجنوب أفريقيا، والتي تشهد انحساراً وتراجعاً في نسب الإصابة، بتحقيقها نجاحات في التوعية وإحداثها طفرات هائلة في إعانة المرضى دون أن تضطر لشتم شعوبها!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية