وقائع محكمة "أبوعيسى" و"مدني" في جلسة استمرت لأكثر من (3) ساعات
المتحري يكشف أقوال المتهمين
“أبوعيسى” و”مدني” يقران بتوقيع وثيقة (نداء السودان) والاجتماع مع حملة السلاح
الخرطوم ـ منى ميرغنى
رابطت دوريات الشرطة حول مبنى محكمة الخرطوم شمال وضربت سياجاً أمنياً محكماً تحسباً لأي احتكاكات أو انفلاتات. بينما بدأ الناشطون ووفد منظمات المجتمع المدني وبعض الأجانب ووكالات الأنباء في التوافد إلى المحكمة منذ التاسعة من صباح يوم أمس. حالة من الحذر سيطرت على الجو، قبل بدء الجلسة الثانية من محاكمة رئيس قوى التحالف الوطني “فاروق أبو عيسى” ورئيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني “أمين مكي مدني” على خلفية التوقيع على اتفاق (نداء السودان) وما حمله. فعند الساعة الحادية عشرة دخل مولانا “معتصم تاج السر” إلى قاعة المحكمة تبعه المتهمان “أبو عيسى” ، و”مدني”)، من ثم دخل المحامون والصحافيون، بينما تعذر دخول عدد منهم نسبة لامتلاء القاعة على جنابتها بالحضور، هتافات الناشطين كانت حاضرة قبل وبعد الجلسة التي انتهت عند الثانية والنصف من ظهر أمس (الاثنين).
بدأت بمجمع محاكم الخرطوم شمال محاكمة “فاروق أبو عيسى” و”أمين مدني” وبعد أن تم فصل الاتهام في مواجهة رئيس حزب الأمة “الصادق المهدي” ونائب رئيس الجبهة الثورية “مني أركو مناوي” بعد توقيعهم ذات الوثيقة. ومثل جهاز الأمن والمخابرات الوطني الاتهام في القضية.
سماع المتحري
شرعت المحكمة في جلستها اليوم أمس في سماع المتحري في البلاغ المقدم شرطة “محمد خير إبراهيم” حيث ذكر أنه بموجب عريضة مقدمة من الإدارة القانونية بجهاز الأمن والمخابرات الوطني أفادت بأن المتهمين “فاروق مصطفى عمر أبو عيسى”، و”أمين مكي مدني” والمتهم “الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي” و”مني أركو مناوي” قد اجتمعوا في العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا” ووقعوا مع بعضهم البعض وثيقة سميت (نداء السودان). وأشار المتحري إلى أن المتهمين قد اتفقوا مع حركة مسلحة متمردة على الدولة بغرض تفكيك نظام الحكم وتقويض النظام الدستوري بالبلاد، وذلك بحشد قوى مدنية وحزبية مسلحة، وقاموا بالترويج لها داخل وخارج البلاد، داعين إلى التدخل الدولي في شئون البلاد، وانعكس ذلك الاتفاق على أرض الواقع بتصعيد عمليات عسكرية نشطة في دارفور وجنوب كردفان قامت بها الجبهة الثورية وفاء لالتزامها، كما شهدت العاصمة والولايات مظاهرات وحالات تخريب. وواصل المتحري بأنهم اتخذوا الإجراءات بأخذ أقوال المبلغ وثلاثة شهود اتهام في يومية التحري، وألقي القبض على المتهم “فاروق أبو عيسى” بمباحث نيابة أمن الدولة بتاريخ 17/12/2014م.
المتهمان يقران بالتوقيع!!
وأقرّ المتهمان بالأقوال المنسوبة إليهما في يومية التحري. وقال “أبوعيسى” إن جميع أقوال المتحري صحيحة، ماعدا تاريخ القبض عليه، وجاء في أقواله حسبما سرد المتحري (أنه بمناسبة انعقاد دورة المفاوضات بين الآلية رفيعة المستوى برئاسة “ثامبو أمبيكي” دعيت جهات عديدة لتكون قريبة من المفاوضات وتسهم في عملية دفع الحوار الوطني وبموجب تفويض من الاتحاد الأفريقي لأمبيكي أصبح معنياً بالمساعدة في تطوير النظام والحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير” وكان قد التقى بهم أكثر من مرة في تحالف قوى الإجماع الوطني فكان من الطبيعي أن يكون هنالك اتفاق مع الحركات المسلحة بعقد اتفاق بموجب القرار(2640) الصادر من مجلس السلم الأفريقي، بإجراء مفاوضات مع قطاع الشمال بشأن منطقتي النيل الأزرق وكردفان للوصول لاتفاق تنفيذ لخارطة الطريق مع الحركة الشعبية والحكومة ممثلة في وفد برئاسة مساعد رئيس الجمهورية بروفيسور “إبراهيم غندور” بمشاركة الأحزاب السياسية حسب القرار كان وجودهم طبيعياً في إطار الخطة وأن قوى الإجماع الوطني برئاسته اجتمعوا مع “أمبيكي” وأبدوا موافقتهم بقرار مجلس السلم والأمن الأفريقي رقم (456)، وحاوروه حول موقفهم الجديد وكانوا على موعد مع “أمبيكي” بيد أنه تأجل لسفره إلى ألمانيا، وطلب عدم السفر ولقاءه يوم (الخميس) وأنهم تركوا له خطاباً في مكتبه وبينوا له بعض الأشياء التي لم بمناقشتها، والتقى بقادة العمل المسلح وتناقشوا حول الشأن السوداني والمفضي إلى حل المشاكل بالحوار حتى لا تصبح الأوضاع في السودان كسوريا وليبيا، لأن الحالة أصبحت صعبة إلى درجة أن يأكل الناس لحوم (الحمير والكلاب)، وأن الانفراد بالسلطة والحكم مفسدة في ظل الحكم الواحد والدعوة إلى حوار ديمقراطي منتج يؤدي إلى فكفكة الحزب الواحد، وتجديد المعارضة لأن الحكومة اتجهت للحوار في آلية (7+7) مما يسهل مهمة الوسيط “أمبيكي” إلى نتائج، وشارك في الحوار “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة القومي وفصائل تحالف قوى الإجماع الوطني وعدد كبير من الأحزاب والمنظمات وهنا تبلورت فكرة الخروج بوثيقة وشكلت لجنة من ثمانية ممثلة في رئيس قوى الإجماع الوطني “أبوعيسى” ورئيس حزب الأمة “الصادق المهدي” ومنظمات المجتمع المدني ولأنها قليلة كان لابد من رمز يمثلها وكان “أمين مكي مدني”، وأنهم قاموا بثلاث محاولات تمت مراجعتها والتوقيع على الثالثة). وأقر “أبوعيسى” بصحة الوثيقة وتوقيعه عليها عند عرضها عليه داخل قفص الاتهام. وذكر أن الدعوة جاءته من الموجودين هناك ومن مركز التنمية الإسلامي الوطني HD) ) ورئيسه السفير “نصر الدين ساتي” باعتباره ممثلاً لقوى الإجماع الوطني بعد أن تعرف عليه في ندوة أقامها المركز تحدث فيها البروف “إبراهيم غندور”. وقال “أمبيكي” إن خطوات الحل لدارفور والمنطقتين حل شامل وأن أحد الأهداف أن يكون الحوار منتجاً لتفكيك نظام الحكم الواحد في ظل القانون نظام جديد يشارك فيه المؤتمر الوطني، وأن موضوع الاغتصاب والإبادة الجماعية والمليشيات والقصف الجوي موجودة في تقارير (اليوناميد) وأشارت إليه الصحف وما يأتي من الأهالي.
وأضاف المتحري أنه توقف عن استجواب “أبوعيسى” بطلب منه نسبة لظروفه الصحية وعاد لاستجوابه بعد ثلاثة أيام. وواصل المتحري أقوال “أبو عيسى” في التحري: (بأن وسيلتهم للعمل السياسي الجماهيري الانتفاضة وأن يستفيدوا منها كوسيلة من وسائل التغيير وأن خيارهم الحل السياسي المحكوم بما وضعوه، وفي حالة فشل الشعب. وأضاف أن “أبوعيسى” أفاد في أقواله أنه لا يعرف الجهات التي وزعت لها الوثيقة، والهدف من توصيلها للناس وتوعيتهم بها وحتى حاملي السلاح متفقين بأن لا شيء يتم إلا بالعمل السياسي، وأنهم كقوى يناقشون ما تم في هذه الاجتماعات. وأضاف أنه وقبل القبض عليه استلم خطاب من الوسيط “ثامبو أمبيكي” إرسلها لرئيس حزب الأمة والجبهة الثورية وتحالف قوى الإجماع و”مدني” ، ورد “الصادق المهدي” على الخطاب، وأن الغرض كان التوحد لتكوين مجموعتين لكيفية إدارة الحوار مع الحكومة .
أقوال “أمين مكي” في اليومية ..
وفي السياق أقرّ المتهم الثاني “أمين مكي مدني” البالغ من العمر (75) عاماً بأقواله في يومية التحري. وقرأها المتحري أمام المحكمة (ذكر أنه في الأول من سبتمبر العام الماضي تم التوقيع على (إعلان باريس) بين الصادق المهدي وفصائل دارفور وكان الاتفاق تحالفاً للعمل على الحل السلمي للنزاعات المسلحة في دارفور وطرح التنمية وإعادة النازحين ومدهم بالغذاء المناطق المتأثرة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والعمل من أجل التحول الديمقراطي في السودان وعدم التمييز العنصري، وبانتشار (إعلان باريس) وجد صدى مختلفاً بين مرحب ومعارض، وأنه تلقى دعوه في ديسمبر لأديس أبابا تزامنت مع حوار “ثامبو أمبيكي” والحركات المسلحة مع الحكومة واقترح أن تكون في مسارين مجموعة دارفور ومجموعة كردفان، وأنه تلقى دعوة شخصية لحضور فعاليات الحراك بوجود وفود كبيرة من الحركة الشعبية قطاع الشمال والحركات المسلحة ومشاركة بعض الشخصيات الوطنية وأنه قابل “أمبيكي” وأخبره بأنه وسيط للحكومة والمعارضة ولا يملك الحق في دعوة أطراف غير القوى المعارضة، وحسب رؤية الأحزاب إذا كان الاتحاد الأفريقي طارحاً الحوار القومي الشامل عليه أن لا يستثنى أحداً والناس وراء الحكومة والمعارضة، وأن حزب الأمة والجبهة الثورية وقوى تحالف الإجماع رأوا أن تكون هنالك وثيقة لجمع الرؤى ووقف العدائيات والعون العاجل للنازحين والمهجرين وتأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة انتقالية وإعادة تأهيل وإنقاذ الاقتصاد واستقطاب العون الخارجي بعقد مؤتمر دستوري شامل يحدد شكل الحكم ويعدل قوانين الشرطة والأمن والاستفتاء الدستوري حسب اتفاق القوى وخلاصة النداء أنه وقع عليه في فندق (إيلي) بأديس أبابا في يومي 3-4/11/2014م مع الجبهة الثورية بسبب سياسات النظام لأنه فرق البلاد وفصل جنوب السودان وأن إعلان (نداء السودان) يدعو لانتفاضة شعبية وتفكيك دولة الحزب الواحد وحماية المدنيين من القتل والتشريد وتقسيم الموارد وحماية المشاريع من الفساد وإلغاء القوانين المقيدة للحريات. وأضاف “مدني” في يومية التحري بأنهم عزموا على تحويل الإعلان إلى فعل جماهيري، وأنه تلقى الدعوة تلفونياً للمشاركة في المبادرة من منظمة سويسرية غير مسجلة في السودان من مندوبها في نيروبي، و(نداء السودان) اتفقت عليه عدة جهات كان لها آراء وتم تكوين فريق للصياغة وزعت لهم مسودة حذفت وأضافت فيها وأوكلت إليه صياغتها وجاءته مقترحات من حوالي (50) شخصاً بينهم “ياسر عرمان” و”جبريل إبراهيم”. وأضاف أنه لا يعرف إن كان قد تمت دعوتهم من المنظمة التي لا يعرف عن نشاطها بخلاف منشط (النداء) لتعبئة الناس لمعارضة السلطة، وأنه لا يمثل المجتمع المدني ويمثل نفسه فقط وأنهم قالوا له(أنت ناشط) ووقع نيابة عن مبادرات المجتمع المدني.
مستندات اتهام في مواجهة المتهمين ..
قدم المتحري (9) مستندات اتهام أبرزها وثيقة (نداء السودان)، وأمر تفتيش للمرصد السوداني لحقوق الإنسان الذي يمارس من خلاله المتهم الثاني مدني نشاطه وضبطت فيه منشورات قدمت للمحكمة، بالإضافة إلى مستندات حول تسجيل مبادرات المجتمع المدني وتحالف قوى الإجماع الوطني ومبادرات أخرى وجاء الرد بأنها غير مسجلة، وأن المرصد السوداني مسجل حتى يونيو العام 2014م واستبعدت المحكمة مستند الاتهام العاشر عبارة عن قصاصات صحف حول انتشار وتداول (نداء السودان) من مجلس الصحافة والمطبوعات بالإضافة لمستندات مطبوعة من وسائل التواصل الاجتماعي. وقدم المتحري “فاروق أبوعيسى” و”مدني” للمحاكمة لمخالفتهما المواد (21/ 24 /25 /26/ 50 /51 53 /63/ 64/ 65/ 66) من القانون الجنائي بالإضافة للمواد (5/ 6) من قانون الإرهاب حسب توصية نيابة أمن الدولة.
مناقشة المتحري..
بعد فراغ المتحري من تقديم مستندات القضية سمح القاضي مولانا “معتصم تاج السر” لممثل الاتهام كبير المستشار “ياسر أحمد محمد” بمناقشة المتحري في ما قدمه من أقوال بيومية التحري. والتمس الدفاع من المحكمة إرجاء المناقشة لحين الاطلاع على محضر المحاكمة والمستندات، وسمحت المحكمة لهيئة الدفاع على الاطلاع وتصوير المستندات المقدمة من الاتهام .
جدل قانوني
حسم القاضي “معتصم تاج السر” جدلاً قانونياً حول تدخل رئيس الجمهورية والسياسيين في قضية “أبوعيسى” و”مدني”، بأن رئيس الجمهورية يحق له العفو بموجب المادة (211) مقروءة مع المادة (58) في غير جرائم الحدود، وسحب الدعوى بواسطة وزير العدل، وذكر أن الرئيس صرح بذلك في معرض رده على سؤال صحفي، وأن المحكمة ملتزمة بما يقدم من بينات ولا يوجد أي تأثير من أي سياسة وتعمل بضمير القانون والعدل ولا تخشى إلا الله. وكان قد ساد قبل نهاية الجلسة جدل قانوني حول تصريح رئيس الجمهورية بإطلاق سراح “أبوعيسى” بعد تقديمه اعتذاراً رسمياً وأنه لا يجوز تدخل الرئيس في القضية بعد وصولها إلى ساحة القضاء وذلك وفقاً للدستور.