التشخيص الطبي ثانياً وثالثاً!!
تحدثنا كثيراً عن التشخيص الطبي والأخطاء الطبية وآثارها السالبة على المرضى، ولكن كل طبيب وكل مستشفى تدعي أن بها أفضل كادر طبي، وأن المعامل التي يجري فيها الفحص من أحدث المعامل إلا أن المريض حينما يطلب منه إجراء فحص لأخذ عينة تكون النتيجة دائماً عكسية وغير مطابقة للواقع، حينما يذهب نفس المريض لمعمل آخر لفحص نفس العينة فتجد النتيجة مخالفة للمعمل الآخر.
جلست أمامي شابة في مقتبل العمر قالت لي بالحرف الواحد إنها ذهبت إلى معمل في أرقى مستشفى بولاية الخرطوم، فطلب الطبيب إجراء فحص معملي على الغدة التي اتهمت بها فجاءت النتيجة أنها مصابة بغدة،وبدأت تناول العلاج الذي كتبه لها الطبيب إلا أنها لم تتحمله وأحست أن العلاج زاد من مضاعفاتها، فذهبت إلى معمل آخر فكانت النتيجة مغايرة للمعمل الأول وطلب منها وقف تناول الحبوب ريثما تعود مرة أخرى إلى الطبيب الأول.. لم تكن هذه هي الحالة الوحيدة التي سمعتها فسمعت رواية أخرى عن سيدة في مقتبل العمر اتهمت بمرض خبيث بعد أن أجرت الفحص الطبي في أحد معامل ولاية الخرطوم، فاستسلمت لإرادة المولى عز وجل وحينما قرر لها جرعات لهذا الداء طلب إليها أن تحضر إليه في إحدى الدول الخليجية، فعلى جناح السرعة أكملت لها إجراءات السفر فغادرت إلى ابنها الذي عرضها على أحد المستشفيات المتخصصة، فاكتشف أنها سليمة ولا تعاني من هذا الداء الذي اتهمت به بالخرطوم فعادت سليمة معافاة.
لقد هاجر آلاف الأطباء والاختصاصيون المؤهلون والذين صرفت عليهم الدولة مال قلبها ولكن في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة والمرتبات الضعيفة لهؤلاء الكوادر، هاجر الآلاف من الأطباء واحتضنتهم كبرى مستشفيات الخليج وبرواتب عالية تعادل عشرات الأضعاف عن المرتبات التي كانوا يتقاضونها في وزارة الصحة أو بالمعامل الخاصة. إن مشكلة التشخيص الطبي واحدة من المشاكل التي نعاني منها في وقت مضى، الأطباء أنفسهم كانوا يتحدثون عن المعدات الطبية وحداثتها ولكن اليوم نتحدث عن الكادر الطبي نفسه الذي هاجر من أجل كسب العيش. الدكتور “مامون حميدة” وزير الصحة حينما تثار هجرة الأطباء يقول ما يمشوا الجامعات بتخرج أطباء جدد، نعم الجامعات بتخرج أطباء جدد ولكن أين الخبرة وأن يجد هؤلاء ممن سبقوهم لينهلوا من علمهم أو ينالوا من خبرتهم، الطبيب ليس بالطو وسماعة تعلق على الرقبة الطب خبرة وتدريب، فإذا لم تتوفر فرص التدريب فلن تكون مستشفياتنا مؤهلة لاستقبال تلك الحالات من المرضى.