ولنا رأي

هل تعود الوحدة بين الشمال والجنوب..؟!

هل تعود الوحدة بين الشمال والجنوب في ظل الظروف التي تعيشها دولة الجنوب حالياً؟ هذا سؤال طرحته عليّ إحدى الفضائيات التابعة لـ(رومتان) وهي مجموعة قنوات فضائية منها ما يبث بالعراق.. حقيقة أبناء دولة جنوب السودان الذين عاشوا في ظل السودان الموحد كانوا يعتقدون أن الانفصال سيمنحهم الرفاهية والعيش في أمن واستقرار، بل سيصبحون شأنهم شأن مواطني دول العالم الخالي من الاستعباد والاسترقاق كما يظن أولئك.. فالحرب التي استمرت لخمسين عاماً بين أبناء الشمال والجنوب، بسببها عاش جل أبناء الجنوب في السودان الشمالي، بل كانوا يجدون الرعاية من الحكومة ويجدون التعليم مع إخوانهم الشماليين، ولم يقتصر وجودهم داخل معسكرات بل كانوا يتحركون ويجوبون كل الولايات، لذلك نجد المتعلمين منهم يتحدثون العربية كما يتحدثها أبناء الشمال، وترتدي الجنوبية الثوب كما تلبسه المرأة في الشمال.. لقد عاش أبناء الجنوب بالشمال رغم الحرب التي استمرت لفترة زمنية طويلة في أمن وسلام واستقرار، إلا أن بعض القيادات الذين خاضوا الحرب اللعينة بيتوا النيّة للانفصال وزادوا من (شحن) أبناء الجنوب لتحقيق حلمهم الذي ظلوا ينتظرونه طويلاً، فحينما بدأت عملية الاستفتاء في فبراير من عام 2011م، تدافع أبناء الجنوب على صناديق الاقتراع منذ الرابعة صباحاً، بل (بات) البعض منهم بمراكز الاقتراع وهو في قمة النشوة انتظاراً للميلاد الجديد.. إلا أن هذا الحلم لم يتحقق كما كانوا يتوقعون.. صحيح انفصل الجنوب وأصبح دولة ذات سيادة، لكن ماذا جنى أبناء الجنوب من قياداتهم السياسية؟ ما الذي تحقق لهم بعد الانفصال؟ هل فعلاً أصبحوا مواطنين من الدرجة الأولى؟ هل القيادة التي تسلمت زمام الحكم جعلت كل المواطنين من الدرجة الأولى؟ ما هو موقف القبائل المختلفة؟ هل الدينكا رضوا عن النوير؟ وهل رضيت القبائل المختلفة عن بعضها البعض؟ لماذا تجددت المعارك بين القبائل المختلفة؟ لماذا.. ولماذا..؟!
إن دولة الجنوب في ظل الصراع الدائر بين قياداتها حول السلطة والثروة لن تحقق طموح أبنائها، ولن تستطيع وقف الهاربين من جحيم المعارك الدائرة سواء بين القيادات أو القبائل.. والعودة مرة أخرى ليكون سوداناً موحداً في ظل الظروف التي يعيشها الجنوب غير واردة ما لم ينتفض الشعب الجنوبي ويثور على قيادته ويطالب بالوحدة مع الشمال، كما حدث في ألمانيا (الشرقية والغربية) وحطم الألمان الجدار الفاصل بينهما.. في هذه الحالة يمكن أن تعود الوحدة من جديد، ويمكن أن تشكل القبائل إذا اتحدت خطورة على القيادة الحاكمة.. لكن أبناء الجنوب مازالوا يعيشون حالة من التخلف ولن يتحدوا، خاصة وأن القبيلة مسيطرة عليهم سيطرة تامة.. وكل قبيلة لا ترضى بالأخرى.. الوحدة بين الشمال والجنوب، نستطيع أن نقول إنها شبه مستحيلة أو منعدمة في الوقت الراهن.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية