ذكرياتي في مصر..!!
حرضني مولانا “أحمد هارون” والي جنوب كردفان على مواصلة الكتابة التوثيقية لفترة الكلية بجمهورية مصر العربية، وقال لي في زيارة خاصة لمعاودة الأستاذ “الهندي عز الدين” عقب عودته الاستشفائية من ألمانيا مؤخراً، ولم أكن أعلم حبه للصحافة ومتابعته لكل ما يكتب فيها.. رغم أنه لا يحب إجراء المقابلات الصحفية معه أو التصريحات وذلك بحكم علاقته بالسلك القضائي، فكل الذين يعملون في السلك القضائي لا يميلون إلى الإعلام رغم حبهم وولههم بقراءة الصحف والمجلات، وكل ما هو متعلق بالنشر.. مولانا “أحمد هارون” فاجأني بقراءته لما نكتبه، وقال لي: (أدينا نحن أولاد مصر يوم في الأسبوع وناس ود نوباوي يوم وباقي الخمسة أيام كفاية على الشعب السوداني).
لقد بدأت في فترة ماضية حلقات توثيقية عن حي ود نوباوي، وصلت إلى أكثر من ثلاثين حلقة كلها كانت من الذاكرة، ووجدت استحساناً من أهل ود نوباوي وهم المعنيون بتلك الحلقات بجانب بعض المتابعين من القراء، إضافة إلى الحلقات الأخرى التي خصصتها لفترة الدراسة بجمهورية مصر العربية وهي فترة خصبة تستحق من كل طالب أن يوثق لها، خاصة وأن الفترة التي ذهبنا فيها للدراسة بمصر كنا في عمر الزهور يانعين ترسخ الصور والمعاني في أذهاننا قبل أن تزحمنا الحياة بكل تفاصيلها.
لقد عشنا حياة نضرة وأكرمتنا مصر ووهبتنا الحياة والأمل.. ومن أبناء مصر الذين يسيرون دولاب العمل التنفيذي والسياسي الآن مولانا “أحمد هارون” الذي عاش حياة حافلة في مصر طولاً وعرضاً.. يوم في الإسكندرية ويوم في الزقازيق.. يوم في طنطا ويوم شبين الكوم.. يوم في القاهرة ويوم في بين السرايات.. جل أولاد مصر يعرفون بعضهم البعض، وهناك لقاءات دورية واجتماعات في المناسبات المختلفة.. ومن أولاد مصر أيضاً الباشمهندس “صديق علي الشيخ” نائب والي ولاية الخرطوم، و”علي العوض” نائب الوالي بولاية كسلا، والباشمهندس “أحمد البشير عبد الله”، والأستاذ الرقيق اللطيف صاحب القفشات والدعابات “السموأل خلف الله” المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون، والدكتور “عبد المنعم حمدتو” وآل “حمدتو” الذين شغلوا بعض المناصب في بدايات الإنقاذ، و”الفجو”، و”محمد حامد تبيدي”، وبعض السفراء بوزارة الخارجية، و”سامية أحمد محمد” ومولانا “طيفور” قاضي محكمة الاستئناف ببحري و”راشد عبد الرحيم” و”حسن البطري”.. والكثيرون الذين سنذكرهم في حلقات قادمة.. وحياة الطلبة في مصر تستحق مجلدات وليست حلقات فقط.
الشعب المصري كان كريماً معنا رغم أن العلاقات بين الطلبة السودانيين والمصريين كانت محدودة، وتمت زيجات محدودة بين الطلبة السودانيين في الإسكندرية والقاهرة والمنصورة والزقازيق.. وصدق الشاعر حينما قال:
مصر يا أخت بلادي يا شقيقة يا حقيقة.