من الذي أدخل سياسة العنف بالجامعات؟!
ما الذي أدخل سياسة العنف داخل الجامعات السودانية وماذا يستفيد الطلبة حينما يقتلون بعضهم البعض، هل ستتم ترقية هذا الطالب إلى رتبة عليا داخل التنظيم الذي يعمل فيه، وهل سيرضى عنه الزملاء إذا اكتشف أمره بأنه قاتل زميله الطالب فلان الفلاني؟.
لقد سهرت الأسر على أبنائها الطلاب من المرحلة الابتدائية والوسطى والثانوي ثم الجامعة لتحصد ثمرة هذا العناء والمستقبل لابنها الذي كافحت من أجله ليعينها على مصاعب الحياة، ولكنها ورغم السنين الطويلة التي ظلت تنتظر فيها تخريج ابنها تسمع أنه قتل بواسطة زميل أو زملاء لأحد الأسباب السياسية التافهة. بالأمس أوردت هذه الصحيفة أن طالباً كادراً من كوادر حزب الأمة عُثر عليه مقتولاً بمنطقة السبلوقة بعد ضربه.. هل نتيجة هذا العلم والسنين الطويلة من المعرفة يستخدم الطالب أسلوب العنف عندما يعجز عن مقارعة زميله بالحجة في أمر يتعلق بالتأكيد عن هذا الوطن، لماذا لجأ الطلاب إلى سياسة القتل وسياسة الغاب، هل عجزوا عن المنطق هل فشلوا في توصيل أرائهم بالطرقة العلمية الصحيحة، هل القتل هو نهاية لهذا الصراع ألم يعلم أولئك الطلبة أن عملية القتل تلازم الطالب طوال حياته إذا فلت من العقاب الدنيوي في تلك اللحظة فلن يفلت من العقاب الرباني.. أهلنا يقولون قاتل الروح وين يروح، فالقاتل يظل معذباً طوال حياته قبل أن يلقي ربه.
إن سياسة العنف التي دخلت جامعاتنا سوف تقضي على النظام التعليمي ثم على روح التعايش بين الطلاب.. صحيح سياسة العنف لم تكن جديدة على طلبة جامعاتنا ولكنها محدودة في وقت مضى، ولا نذكر إلا حادثة وقعت بجامعة الخرطوم في سبعينيات القرن الماضي بسبب خلاف سياسي بين الشيوعيين والإسلاميين وراح ضحيتها أيضاً طالب ولم يتم التوصل إلى القاتل.. وحادثة جامعة القاهرة الفرع التي اتهم فيها “ياسر سعيد عرمان” ولكن السلطات حينها لم تلقِ القبض عليه ولم تثبت إدانته بالقتل ولم تتم محاكمته، ولكن الحادثة ما زالت يستخدمها الإسلاميون ضد “ياسر”.. الآن قتل طالب ينتمي إلى حزب الأمة ولم يكشف عن القتلة وحتى إذا عثر عليهم ستتم تغطية القضية حتى لا تحدث فتنة داخل جامعاتنا، ولكن يجب على إدارات الجامعات أن توقف هذا السيل من العداء بين طلبة الجامعات ووصول خلافاتهم إلى القتل، فالظاهرة غير محببة لكل الأوساط حتى لدى الأحزاب السياسية التي تتصارع داخل الجامعات، فالطلبة هم أمل هذه الأمة وينبغي أن يتعاملوا مع بعضهم بالأسلوب الحضاري وينبغي ألا يكون الصراع أو الخلاف وسيلة لتصفية البعض، لأن القاتل مصيره سيكشف وسينال عقابه.
نريد جامعاتنا منارات سامقة للعلم وليس للقتل.