احتفال القصر بالاستقلال!!
ظلت الدولة تحتفل سنوياً بالاستقلال من داخل القصر الجمهوري، وكل عام يختلف عن العام الذي سبقه من حيث الإعداد والتجهيز والدعوات المقدمة للوزراء والمسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي والإعلاميين وأعيان المجتمع من رؤساء الأحزاب السياسية والقوى السياسية المختلفة.
يجئ الاحتفال هذا العام والبلاد تواجه تحديات مختلفة رغم أن رئيس الجمهورية طرح مبادرته للحوار الوطني في لقائه في (يناير) الماضي والذي حضره رؤساء وممثلو الأحزاب السياسية المختلفة، كان على رأس أولئك الإمام “الصادق المهدي” والدكتور “حسن عبد الله الترابي” وممثل لمولانا السيد “محمد عثمان الميرغني” ورؤساء وممثلون لثمانين حزباً سياسياً.
السيد رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” في احتفال هذا العام أمس الأول دخل القصر الجمهوري في نفس الزمن الذي ضربته اللجنة العليا للاحتفال وهو السابعة والربع من مساء الحادي والثلاثين من (ديسمبر) الذي مضى عليه يوم واحد.. دخل رئيس الجمهورية وكله هيبة مع نائبه الأول الفريق الركن “بكري حسن صالح” ونائبه “حسبو محمد عبد الرحمن”، الجميع كانوا يرتدون الجلباب الأبيض والعمامة، إلا أن وزير رئاسة مجلس الوزراء المهندس “صلاح ونسي” رئيس لجنة الاحتفالات جاء يرتدي الزي الأفرنجي (البدلة الكاملة والكرافتة)، وأيضاً كان البروفيسور “غندور” مساعد رئيس الجمهورية يرتدي الجلباب الأبيض والعمامة.
عندما دخل رئيس الجمهورية عزف السلام الجمهوري ثم الجلالة العسكرية.
برع مقدمو الحفل من الإذاعيين وطافوا بنا وحلقوا في نفحات الاستقلال والأشعار التي صيغت من أجله والمغنين “وردي” و”العطبراوي” والشعراء “محيي الدين فارس” وغيره من الشعراء الذين صاغوا كلمات كلها عظمة من أجل هذا الوطن.
بين الفقرات كانت المجموعة الغنائية تقدم أروع الأناشيد الوطنية التي ألهبت الحماس، لم يتفاعل معها إلا اللواء (م) “عمر نمر” معتمد الخرطوم وأحد المواطنين كان يرتدي زياً ملفتاً للنظر وعمامة أكبر من عمامة “كمال ترباس” و”حسين خوجلي”، ولكن الحرس قتل تلك النشوة وذاك الحماس فمنعه من الدخول وأبعده من المكان نهائياً.
تحدث في بداية الاحتفال رئيس لجنة الاحتفالات المهندس “صلاح ونسي” وزير رئاسة الجمهورية، وأثنى على الآباء والأجداد الذين قدموا أرواحهم فداء من أجل أن يكون لنا وطن مستقل، ومن ثم كرم رئيس الجمهورية مجموعة من أبناء هذا الوطن لما قدموه من إسهامات وطنية منهم التشكيلي “عبد الرحمن الجعلي” الذي كان له الفضل في تصميم علم السودان الحالي، والشاعر والأديب والسفير “صلاح أحمد محمد صالح” صاحب حقيبة الفن، والاقتصادي “مصدق طه الملك” مدير بنك قطر بالخرطوم وآخرين لم يكونوا من الأسماء اللامعة، ولكن عملهم الخفي قدمهم لنيل ثقة رئيس الجمهورية الذي كرمهم بالأنواط والأوسمة.
تحدث المشير “عمر البشير” في آخر فقرات البرنامج، وأنصب حديثه على عملية الحوار الدائر مع القوى السياسية ومنح الحركات المسلحة التي تحمل السلاح الآن الأمن والأمان إن عادت لأرض الوطن وشاركت في مسيرة البناء والتعمير.
كما قطع بقيام الانتخابات في موعدها في (أبريل) المقبل، وقال الذين يتحدثون عن الحوار فإن الانتخابات نفسها حوار وطرح للرؤى والأفكار وهي انتخابات على مستوى جماهيري، فحديث رئيس الجمهورية يعني أن الانتخابات قائمة ولن تتأجل.
عقب خطاب الرئيس التقينا الدكتور “الترابي” فسألناه عن حديث الرئيس فوضع يده في فمه مع ضحكة مكتومة بمعنى ما في حديث ثاني.
{ همسة:
صدر عدد جديد من (مجلة القصر) في ثوب قشيب وتبويب ممتاز ومادة رائعة، كان الفضل في هذه الإصدارة لمدير تحريرها “ناجي بشير” وطاقم المجلة الرائعة فأعطوا الخبز لخبازيه.