حوارات

والي جنوب دارفور لـ(المجهر) من "نيالا"

الولاية آمنة وتشكيل الحكومة قريباً
الحل النهائي لكهرباء “نيالا” في وصول الخط القومي
الموسم الزراعي ناجح وأؤيد تعيين الولاة من غير أبناء الولاية
حاوره – عوض أحمدان
“نيالا” مدينة تتجدد نحوها الأشواق بشكل يجعلك تحن للقائها من جديد، تزورها، وتعيش بين أهلها، وعند مغادرتها تتجاذبك لواعج الشوق الجارف فتسعى للعودة إليها برغبة صادقة. الأسبوع الماضي كنت هناك في معية أسرة قطاع دارفور المحمل، لحضور ورشة تقييم القطاع لأدائه خلال حج عام 1435م، أول ما لفت انتباهي حالات التعافي والهدوء التي بدت ظاهرة للعيان داخل أحياء المدينة وأسواقها، مما يشي أن حاضرة الولاية قد قطفت ثمرات حزم الجهود الأمنية الأخيرة، فعادت بخطى سريعة لسيرتها الأولى. في “نيالا” انتهزت فرصة وجودي هناك، وسعيت للقاء والي جنوب دارفور اللواء الركن “آدم محمود جار النبي” لنقرأ معه بعض ملفات الولاية المهمة، فأطلعنا عليها بأريحيته المعروفة. فالرجل رغم ملامح العسكرية التي تميز بها في تصريف كل شؤونه ما اعتاد كما كعهدنا أن يغلق أبوابه في وجه أحد، جالسته لمدة ساعتين ونيف، ظفرت خلالها بسهرة إذاعية وتفاصيل هذا الحوار الذي نضعه بين أيديكم.
{ إلى أي مدى نجحت جهودكم في كبح جماح الجريمة وحالات التفلت التي عانت منها الولاية مؤخراً؟
– بداية نتقدم بشكرنا الخالص لصحيفة (المجهر) التي منحتنا عبركم فرصة الإطلالة لمخاطبة القراء الكرام.. نحن من أبناء هذه الولاية ونتابع كل ما يدور فيها، وبالعقلية الأمنية ما كنت أتصور مطلقاً أن الذي حدث في الفترة التي سبقتنا يصل إلى درجة الاختطاف من أمام المحاكم، والتعدي على المواطنين في الطرقات وأماكن سكنهم بذاك المستوى الذي أثار الدهشة وعلامات التعجب.
استلمت مقاليد الولاية في 21/4/2013م، وفي خطاب لي أمام الجمهور أوضحت أن مهمتي الأساسية مهمة أمنية ترمي لإعادة الوضع الأمني إلى طبيعته، بدأنا من هذا المنطلق ولا ننكر أبداً أن هنالك بعض الأحداث الأمنية التي حصلت كالتعرض لبعض الأطواف المحملة بالوقود، وخطف العربات، ونهب (الموبايلات) داخل المدينة، واختطاف بعض التجار ومتابعة بعضهم وتصفيتهم. كل ذلك كان يتم بواسطة رجال يحملون السلاح، ويركبون عربات ومواتر لا تحمل لوحات، لإخفاء معالم الجريمة. اجتمعنا في لجنة أمن الولاية واعترفنا بوجود مشكلة أمنية، لا بد من حصارها والقضاء عليها، ثم توالت جلسات المجلس التشريعي بالولاية، واجتماعات قيادة المؤتمر الوطني بالولاية، وكلها كانت تشير إلى دعم الجهود لحسم ظواهر التفلت. بدأنا التخطيط ونعلم تماماً الدعم الأكبر الذي وجدناه من المواطنين الذين أبدوا استعدادهم لبذل كل شيء في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار، فاتخذنا حزمة من الإجراءات الأمنية العاجلة، وقمنا بتفعيل قانون الطوارئ المفروض في ولايات دارفور منذ عام 2004م، ومنعنا المواتر وبعض أنواع العربات، وحمل السلاح وتشكيل محكمة طوارئ وبعض الإجراءات الأخرى، فاستطاعت القوات أن تؤدي دورها وما تزال بكفاءة عالية وهي قوات مشتركة من القوات المسلحة والشرطة والأمن وقوات الدعم السريع، العمل والطواف لهذه القوات كان يستمر حتى ساعات الصباح الأولى في كل أنحاء المدينة، فتم القبض على عدد من المخالفين والمجرمين وأصحاب السوابق، فتم تقديمهم إلى محاكم الطوارئ، فبدأ الأمن يعود للمدينة تدريجياً. وللعلم هذه الأطواف وهذه القوات مازالت مستمرة حتى اليوم، تؤدي عملها باقتدار لأنها حققت النجاحات، الآن مدينة “نيالا” آمنة، وبدأنا توسيع دائرة الأمن في المحليات حول حاضرة الولاية. ومن الإجراءات الأخرى وضعنا قانون أمن المجتمع وهو قانون يشمل كل المخالفات التي يمكن أن تخل بالأمن والوضع المجتمعي، ووضعنا العقوبات الرادعة، وتمت إجازة القانون من المجلس التشريعي، وبدأ تطبيقه الآن في كل الولاية. الآن أصبح المواطن يمارس حياته العادية ويتحرك في كل الأوقات بحرية تامة، كل هذه الإجراءات نالت رضا المواطن وتجددت لديه الثقة في قيادة المسؤولين والقوات الأمنية.
{ هل سيظل حظر التجوال سارياً أم سيتم رفعه بعد الذي تحقق؟
– ليس في النية رفعه الآن، وسيكون ذلك بعد تقييمنا للوضع، ولكننا في كل المناسبات التي تتطلب زيادة الوقت، نفعل ذلك مثل احتفالات الأعياد والمولد النبوي الشريف، حتى يتمكن المواطن من التعبير عن مشاعره تجاه هذه المناسبات الروحية.
{ موضوع الكهرباء في “نيالا” يراوح مكانه لم تحل المشكلة ولم يتحسن الإمداد، متى يصل سيناريو الكهرباء إلى نهايته؟
– بحمد الله وتوفيقه استطعنا صيانة جزء مقدر من مولدات محطة “نيالا” المتعطلة، الآن هناك استقرار في الإمداد. صحيح أن حجم المنتج لا يغطي حاجة المدينة التي تقسم الآن إلى شمال وجنوب، إنتاجنا الحالي حوالي (11) ميغاواط والاحتياج الفعلي (16) ميغاواط، الآن هناك محطة حرارية تم شحنها وهي في طريقها إلى “نيالا”، ستوفر هذه المحطة (5) ميغاوات وسيتم الفراغ من تركيبها خلال (8) شهور، وبذا نتلافى المشكلة إن شاء الله. إلا أن الحل الجذري لمشكلة الكهرباء في “نيالا” رهين بوصول الخط الناقل للكهرباء الاتحادية، الخط الآن في “الفولة” وقد تم التوقيع توطئة لوصوله إلى “الضعين”، والمرحلة اللاحقة وصول خط الكهرباء الاتحادية إلى “نيالا” ومن ثم “الفاشر”، ونتوقع ذلك في غضون ثلاثة أعوام بإذن الله.
{ ماذا عن السكة الحديد، وقد كانت صمام الأمان لتوفير السلع والاحتياجات لولايات دارفور؟
– في أيامنا الأولى منذ استلامنا مهام الولاية كنا نعتمد كلياً على القطار في نقل معظم احتياجات الولاية، وكنا نسير حوالي (17) رحلة للقطار إلى “نيالا” التي ينتهي عندها خط السكة حديد، هذا بالإضافة للوسائل الأخرى البرية والجوية. طريق القطار كان يتعرض لهجمات المتمردين والحركات، ولكن بعد عمليات الصيف الحاسم هذا العام تمت نظافة المنطقة من العدو، وبدأت رحلات القطارات في ازدياد وتوفرت السلع والآن نحن في وضع طيب جداً.
{ وماذا عن طريق الإنقاذ الغربي الذي دارت حوله الأقوال؟
– طريق الإنقاذ الغربي حلم داعب أخيلة أهل دارفور كثيراً، الطريق الآن وحتى مدينة “الفاشر” ليست فيه مشكلة، أما من “الفاشر” إلى “نيالا” مازال الطريق الذي يبلغ طوله (95) كلم ترابياً لم يسفلت بعد، وهذا القطاع يتبع لولاية شمال دارفور. أما من حدود شمال دارفور إلى “نيالا” طريق معبد وسالك وجيد، لم يتبقَّ من طريق الإنقاذ الغربي إلا القليل، وعند اكتماله وافتتاحه قريباً إن شاء الله.
{ الزراعة هي بترول الولاية الحقيقي، ماذا عن المساحات المزروعة والإنتاجية خلال هذا الموسم؟
– كلامك عين الصواب، الولاية تضررت في السنوات السابقة بقلة الإيرادات الزراعية التي تدعم خزينتها بسبب هجمات الحركات على مناطق الإنتاج، إلى جانب شح الأمطار في العام الماضي، أما خريف هذا العام بحمد الله كان ناجحاً بكميات الأمطار التي عمت كل أنحاء الولاية، تم زرع حوالي (6) ملايين فدان بالمحصولات المختلفة، وطبعاً هناك اهتمام كبير بزراعة الدخن والذرة والفول السوداني، وكان المحصول جيداً، ونتوقع زيادة الإيرادات التي ستنعكس في شكل استقرار ومزيد من الخدمات.
{ طرحتم عدداً من المبادرات، منها البرنامج الشعبي، ما هدفه وما الغرض منه؟
– هو فرصة للقاء القيادة وتلاحمها مع القاعدة، خاصة أن المواطن لا يجد في أغلب الأحيان لقاء الوالي والمسؤولين متاحاً لطرح مشكلاته، قمنا بفكرة البرنامج الشعبي وتمكنا من لقاء المواطنين خاصة أيام العطلات. فالبرنامج فكرته تقوم على أدائنا الصلاة في أحد مساجد المدينة ومن ثم تبدأ الجلسة المفتوحة للتفاكر في شؤون الولاية والمواطن، حيث يقوم المواطنون بطرح أسئلتهم في برلمان مفتوح نتولى الإجابة والتوجيه عليه في الحين، إلى جانب حرصنا للاستفادة القصوى من المبادرات والرؤى والأفكار التي تطرح في تلك اللقاءات. البرنامج الشعبي جسر من جسور التواصل المطلوب.
{ جنوب دارفور إحدى بوابات الاستثمار المهمة، ما هي رؤيتكم لاجتذاب المستثمرين؟
– الاستثمار من أولوياتنا وفي هذا المجال منحنا تسهيلات كثيرة لكل المستثمرين، الآن في الطريق منطقة “نيالا” الحرة، إلى جانب خدمات الميناء الجاف الذي يتيح وصول الشاحنات والبضائع من الميناء رأساً إلى “نيالا”، خلال العام الجديد سيزداد الاهتمام بالمعادن، لدينا مربع في حفرة النحاس ومربع في كاس ويوجد الذهب ومعادن أخرى كثيرة، يوجد الآن تعدين أهلي شمال “نيالا”، وكاس، وحفرة النحاس، هذه المربعات مخصصة ولم يتم الاستفادة منها في السابق للأسباب الأمنية، الآن تم تأمين كافة المناطق لانطلاق عمليات التعدين بصورة جيدة، أما في مجال الاستثمار الزراعي فقد خصصنا مساحات مقدرة للشركات المختلفة.
{ مشارف استقبال العام الجديد، من واقع اختيار “نيالا” مكاناً للاحتفال بذكرى الاستقلال؟
– صحيح في هذا العام تم اختيار “نيالا” للاحتفال بذكرى الاستقلال جنباً إلى جنب مع ولاية الخرطوم، و”نيالا” هي موطن الفروسية والهجن، وجنوب دارفور من أكثر المناطق امتلاكاً للخيول وهذه الرياضة هي الأولى التي تمارس أسبوعياً يحضرها الآلاف من المواطنين داخل وخارج “نيالا”.
سيكون الاحتفال بالاستقلال مهيباً، من خلال زفة الخيول والجمال، ومباراة السباق في مضمار الفروسية وسط الحضور الطاغي لأهل الولاية، تأكيداً على سيادة الأمن الذي أصبح طابعاً يميز “نيالا” خاصة ونحن نتوقع أن يكون ضمن الوفود الاتحادية الزائرة وفوداً من بعض الدول العربية والخليج، من أصحاب الاهتمام بالجمال والخيول.
{ هل تأثر دولاب العمل في جنوب دارفور بحل الوزراء وابتعادهم عن دوائر العمل؟
– لم يتأثر العمل بإعفاء الحكومة، فالمهمة الأساسية في تصريف الأمور وتنفيذها يقع على عاتق المديرين العامين والمعتمدين وهؤلاء موجودون.
{ متى يتم تشكيل حكومة الولاية الجديدة؟
– سيكون قريباً.
{ ما هي أبرز ملامحها؟
– انتظرونا لكي لا تضيع عناصر المفاجأة، وبالمناسبة أنا من المؤيدين بشدة للرأي المنادي بتعيين الولاة من غير أبناء الولاية.
خاتمة:
كانت تلك محصلة لقاء (المجهر) بوالي جنوب دارفور، استعرضنا معه بعضاً مما يدور في أروقة الولاية، وتعلم أننا لم نتناول إلا النذر اليسير، تركناه في معية آخرين لتصريف بعض المهام الأخرى على وعد لقائه من جديد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية