ولنا رأي

من يعيد هذا الفارس إلى وطنه؟!!

نشرت إحدى الصحف قبل أيام حواراً مع أحد المسؤولين في المجال الشرطي وقال لمحدثه إن طلب التنازل عن الجنسية في ازدياد وارتفع عدد طالبي الجواز أو الجنسية الأجنبية التي يتمتع أهلها بالحقوق كافة.
ما دفعني إلى الكتابة زيارة صباحية سجلها لي الدكتور “نصر الدين شلقامي” رجل المجتمع الأول المعروف وسفير تشيكوسلوفاكيا الفخري، وهو رجل أديب ومثقف من الطراز الأول تجمعه علاقات حميمة برموز المجتمع تجده في أي محفل اجتماعي أو حفل استقبال للسفارات بأعيادها الوطنية. حدثني عن الأستاذ الإعلامي الكبير “محمد الخير البدوي” المتواجد الآن في بريطانيا وهي بمثابة الأم بالنسبة له ولكن لا يحمل جنسيتها ولا جوازها كما يتهافت الشباب والرجال هذه الأيام للحصول على اللجوء السياسي بها بغية الحصول على جوازها، أو تلك المرأة وهي في شهورها النهائية لوضع مولودها فتذهب إلى بريطانيا لتضع مولودها هناك للحصول على الجواز البريطاني الذي يوفر لها كل سبل العيش والراحة.
الدكتور “شلقامي” حدثني عن الأستاذ “البدوي” والذي أمضى ما يقارب النصف قرن من حياته ببريطانيا حينما بريطانيا لا يقصدها إلا أهل العلم والثقافة والأدب أو الذين يودون الحصول على الدرجات العلمية الرفيعة منها. قال لي إن الأستاذ “البدوي” وطوال الفترة التي أمضاها بها لم يطلب الجواز البريطاني ولم يغير جنسيته السودانية ولا جوازه السوداني، ويقال حينما كان في (B.B.C) وهو من أوائل السودانيين الذين عملوا بها كان هناك خبر يسئ إلى السودان فرفض قراءته وبسببه قدم استقالته، وهذه قمة الوطنية ليس كالذين يسيئون الآن لوطنهم من أجل حفنة من الدولارات أو الجنيه الإسترليني.
الأستاذ “محمد الخير البدوي” عاشق للسودان ومحب له ولكن الظروف جعلته أن يكون خارجه.
الدكتور “شلقامي” قال لي إن الأستاذ “محمد خير” له رغبة جامحة ليقضي باقي عمره في السودان وهو الآن مريض ويريد العودة باختياره وليس بطلب من أي جهة، ولكن يعوزه المال وتذكرة العودة للوطن فهل تتفضل رئاسة الجمهورية أو الخارجية أو أي جهة مسؤولة أخرى تعينه للوصول إلى وطنه قبل فوات الأوان.
اطلعت على أحد كتبه بعنوان (قطار العمر) في أدب المؤانسة والمجالسة يحكي فيه قصة حياته وتجاربه وتنقله في دروب السياسة بألوانها المختلفة من حزب إلى آخر وكيف تم فصله من كلية غردون التذكارية كأول طالب يفصل من تلك الكلية لأسباب سياسية إذ إنه كان يناهض الاستعمار آنذاك إلى أن كشف أمره وتم اعتقاله وأودع السجن.
الأستاذ “محمد خير البدوي” من مواليد 1926 بقرية القليعة بدار الرباطاب.
التقيته تقريباً في العام 2000 إن لم تخُني الذاكرة وأدرت معه حواراً بعيداً عن السياسة بمنزل أحد أقاربه بحي الأمراء بأم درمان.
فهل تستجيب السلطات لهذا الطلب البسيط لعودته معززاً مكرماً لوطنه؟.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية