هل يستجيب الإمام "الصادق" ويعود للوطن؟!
المؤتمر الوطني يعلم تماماً أن الإمام “الصادق المهدي” زعيم حزب الأمة والأنصار لاعب أساسي في كل قضايا الوطن ولا يمكن الاستغناء عنه، ولذلك دعا المجلس الوطني لعودة الإمام “الصادق” من مقر إقامته بـ”القاهرة” فوراً للمشاركة في مسيرة الحوار الوطني التي دعا لها رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” في (يناير) الماضي.
ودعوة البرلمان لم تأت من فراغ بل يعلم كثير من أعضاء البرلمان أهمية وجود الإمام داخل الوطن ومدى تأثيره في إنجاح الحوار، إلا أن هناك بعض الصقور داخل المؤتمر الوطني وهم قلة لا يرغبون في عودة “المهدي” ولا المشاركة في الحوار بغضاً فيه وليس حباً، وهناك العديد منهم يكرهون الإمام كراهية التحريم ويتمنون زواله من الوجود تماماً حتى تخلو الساحة من حاجة اسمها “ود المهدي” وهؤلاء لهم مبرراتهم في تلك الكراهية.. إما أن يكون أبناء أنصار أحسوا بأن الإمام وأسرته حاولوا استبعاد آبائهم أو أجدادهم لمصلحة هذا الكيان وترسبت تلك الكراهية في نفوسهم بعد أن تمردوا على الأنصارية واتجهوا إلى حركة الإخوان المسلمين، علماً بأن الإمام “الصادق المهدي” كان في وقت مضى ملهم الشباب وفارسهم وحين دعا إلى التغيير انضم إلى جانبه العديد من الشباب، وقد قالها من قبل الأستاذ “كمال الجزولي” الذي فتن بالإمام في فترة شبابه، وقالها كذلك الراحل “عثمان عبد القادر عبد اللطيف” الذي أعجب بالإمام “الصادق المهدي” خلال فترة الستينيات، قال لقد جاء بطرح لم يسبقه عليه أحد آنذاك من بني جيله، ولكن تغيرت مواقف الرجال من بعد ذلك عندما ظهر على المسرح السياسي الدكتور “الترابي” الذي جاء من “باريس” بلد النور والجمال، جاء أيضاً بطرح جديد للإسلام وفتن معظم الشباب من جيله أو الذي يليه أو الذي سبقه وضم إلى جانبه العديد من الشباب الذين آمنوا بدعوته.. ولكن الإمام “الصادق المهدي” الذي تولى رئاسة الوزارة وهو ابن الثلاثين عاماً كان يؤمن بالديمقراطية وعمل من أجلها إلا أن شعوب العالم الثالث لم تتعود على الديمقراطية وظنت أن من يعمل بالديمقراطية والشورى ضعيف، ومن هذا المنطلق وجد مشقة شديدة في الحكم وظل يتلقى الصفعات من هنا وهناك حتى إبان الديمقراطية الثالثة والتي ذكر بأن صحف الإسلاميين (ألوان) و(الراية) هزمته كما هزمه السوق.
إن الإمام “الصادق المهدي” تجاوز الثمانين من عمره ولا ندري لماذا كل هذا العداء للرجل، فهو لم يحمل بندقية ولا سيفاً ليحارب بهما الحكومة بل يتحدث بلسانه لمصلحة هذا الوطن، لذا فعل البرلمان ومن وقف وراء دعوة عودته إلى البلاد فوراً فعل خيراً لأن الإمام لم يتعود على الجلوس على الكراسي الفارغة ولا على المساطب الجانبية، فهو صاحب رأي سديد ويمكن الاستفادة منه، فالمؤامرات والدسائس عليه ستؤخر الوطن كثيراً ولم يبق في عمر تلك الأجيال بقية، فلا بد من الاستفادة منهم قبل أن يأتي يوم نندم فيه على ضياع الفرص الثمينة وعدم الاستفادة من شخصيات صنعت تاريخ هذا الوطن، وعلى “المهدي” أن يحمل حقائبه ويعود لأرض الوطن مساهماً في أمنه واستقراره، ملبياً دعوة المخلصين الذين طالبوا بعودته.