النار من مستصغر الشرر
يقول المثل السوداني النار من مستصغر الشرر أي أن شرارة صغيرة يمكن أن تصبح لهيباً يقضي على الأخضر واليابس وكم من شرارة صغيرة كان بالإمكان إطفاؤها ولكن بسبب عدم الاكتراث أصبحت ناراً ما زالت مشتعلة ولم نستطع القضاء عليها مثل قضية دارفور التي كانت شرارة صغيرة ولكن بسبب التعنت واستسهال الأمور قضت على أجزاء واسعة من أرضنا الحبيبة ومازالت الشرارة تتنقل من منطقة إلى أخرى ولم تستطع السيطرة عليها.. وهناك شرر كثير إذا أحسنا التصرف يمكن أن ننهي المشكلة..
بالأمس وقع حدث بالقصر الجمهوري أدى إلى اشتباك بالسلاح راح ضحيته الجاني والمجنى عليه وأياً كانت الأسباب فمن المفترض ألا يصل الأمر إلى استخدام السلاح.
المواطن السوداني رغم بساطته ولكنه أيضاً لا يحتمل الحقارة أو لا يرضى الإهمال والذلة.
كثير من المشاكل التي تقع بين المواطنين الذين يقصدون المؤسسات الحكومية يكون سببها شخص بسيط لا يحسن التعامل مع أصحاب الحاجات فموظف الاستقبال في أي مؤسسة حكومية يتعامل مع المواطنين بالتعليمات بمعنى ألا يدخل أي شخص إلى المؤسسات الحكومية إلا بإذن من الشخص الذي يرغب في الدخول إليه ووضع اسم الشخص في الاستقبال وكما يقول المثل السوداني أيضاً صاحب الحاجة أرعن فالشخص الذي تكون له مظلمة ويريد أن يعرض مظلمته على الجهات المختصة دون أن تكون له أي معرفة بكيفية الدخول لتلك المؤسسات وحسب ما ذكرنا فإن موظفي الاستقبال ينفذون الأوامر بالحرف ولكن ما نعيبه على المؤسسات الكبيرة عدم إعطاء أولئك الموظفين حرية التصرف مع الأشخاص الذين ليست لهم معرفة بقوانين ولوائح تلك المؤسسات فهم هذا المواطن كيف يوصل صوته إلى الجهات المسؤولة أو كيف ينظر في الطلب الذي يحمله إن كانت متعلقاً بقضية أراضٍ أو نزعت منه أرض ويبحث عن القضاء لحلها أو يريد أن يوصل صوته لرئاسة الجمهورية إلا أنه يصطدم بموظف لا يحسن التصرف فتبدأ المشادة بين الطرفين فإما أن يذهب الشخص وهو حاقد على هذا الموظف, إما أن يتخذ وسيلة لانتزاع حقه أو إيصال مظلمته بأي طريقة من الطرق.
كثير من المناسبات التي يكون فيها رئيس الجمهورية أو نوابه يحاول بعض البسطاء إيصال ورقة لرئيس الجمهورية أو نائبه ولكن يجد من يعترض وهذا يخلق نوعاً من الغبن ولكن دائماً النائب الأول أو أي مسؤول إذا شاهد امرأة عجوز أو رجل عجوز يريد أن يصل إليه فيطلب من مرافقيه تركه لإيصال ما يرغب في إيصاله وبذلك يكون قد قضى على الفتنة في مهدها قبل أن يضرب هذا الشخص أو يثور صاحب الحاجة على مسؤول الحراسة للرئيس أو النائب والأحداث دائماً تقع من مستصغر الشرر.
وما وقع في القصر الجمهوري أمس لم يكن محض صدفة بل قد يكون صاحب حاجة لم يحسن التعامل معه في مرات سابقة بذا لابد أن يتغير مفهوم موظفي الاستقبال بالقصر أو غيره لأصحاب القضايا الملحة ولابد أن يغير القصر موظفي الاستقبال إلى أشخاص يعرفون كيف يتعاملون مع الجمهور، والقصر مكان لقضاء حاجات الناس فالملكة في بريطانيا يفتح قصرها يوماً في الأسبوع للجمهور تقضي حوائج المواطنين في ذلك اليوم فهل يتغير الحال بعد هذا الحادث؟.