هل الحوار فعلاً في غرفة الإنعاش..؟!
كلما تقدمنا خطوات من أجل الوفاق والاتفاق نتراجع عشرات الأمتار إلى الوراء، وكلما قلنا اتفقت الحكومة والمعارضة على حل لمشكلة البلاد تجد أن هناك قوة دفع أو مغنطيساً يعيدنا إلى الوراء مئات الأمتار، فلا ندري أين تكمن مشكلة البلاد هل هناك عدم صدق ما بين الحكومة والمعارضة أم أن هناك جهات ليست راغبة في حل أزمة الوطن المستفحلة.
عندما طرح رئيس الجمهورية مبادرته للوفاق استبشرنا خيراً بأن الأمر جاء من أعلى قمة في الدولة وهو رئيس الجمهورية، ويفترض أن كل أمر صادر من رئيس الجمهورية يصبح ما بعده ملغياً تماماً، ولكن قبل أن يجف مداد رئيس الجمهورية الداعي إلى الوفاق والحوار مع المعارضة، تبدد الأمر وأصبح كأن لم يكن شيئاً.. فعدنا إلى المربع الأول فجاء اعتقال “المهدي” بسبب تصريحاته التي لم تعجب الحكومة أو الجهات التي لا ترغب في حل مشكلة الوطن، فاعتقل “المهدي” وأودع سجن كوبر ورغم سجنه ولكن من داخل السجن ظل ينادي بالحوار. وخرج “المهدي” من محبسه ولكن الحوار لم يتقدم خطوة إلى الأمام، لا ندري هل قوة الدفع للوراء كانت أكبر من قوى الدفع إلى الأمام، أم أن هناك جهات خفية لا نعلمها ولا يعلمها أحد هي التي تحاول جر فرملة اليد ووقف العربة من التحرك.
على كل ظل الشد والجذب للحوار بين الحكومة والمعارضة مستمراً ولكن بدون فائدة، ثم جاء (اتفاق باريس) بين “المهدي” والجبهة الثورية، ولكن هذا الاتفاق لم يرضِ الكثيرين وبسببه تم اعتقال كريمة “المهدي” عقب عودتها من “باريس”، وظلت الدكتورة “مريم” حبيسة المعتقل إلى أن جاءت لحظة إطلاق سراحها بدون أي مقدمات.
وأيضاً لا ندري ما هي الجهة التي أمرت باعتقالها ولا الجهة التي طالبت بإطلاق سراحها، وكذلك اعتقال “إبراهيم الشيخ” رئيس حزب السودان، فجاء الاعتقال ثم جاء إطلاق السراح فكلها تؤثر في عملية الحوار الذي دعا له رئيس الجمهورية، واعتبرناه خطوة في حل مشكلة الوطن وتداعى لها جل الأحزاب الكبيرة والصغيرة، ولكن منذ أكثر من تسعة أو عشرة شهور لم نر بادرة أمل لهذا الحوار، وكما وردت بعض التصريحات في صحف الخرطوم الصادرة أمس(السبت) من جانب المعارضة، بأن الحوار الآن داخل غرفة الإنعاش في انتظار أمر الله فيه.
إن البلاد تعاني ومن المفترض أن يعمل كل الساسة على حل المشاكل المستعصية، رحمة ورأفة بهذا الشعب المسكين الصابر والذي ظل في انتظار بادرة أمل لإنفراج تلك الأزمة، والتي اعتقد أنها مفتعلة وليست أصلية.. وفي مقدور رئيس الجمهورية أن يتخذ قراراً بحلها في لحظات ولا أظنها تحتاج إلى بقية الثلاثة أشهر المتبقية من العام عندما أعلن خطوته الجريئة بالحوار؟ الناظر الآن إلى أمر السودان يجد كل شيء واقفاً في مكانه، الإحباط سيطر على حال الناس ويئس المواطن من غده والقادم أحلى فيا ساسة بلادي أرحموا الشعب وحلوا مشاكله المعلقة برقابكم وابتعدوا من قضاياكم الشخصية من أجل غدٍ مزهر.