متى نستخدم أسلوب المقاطعة لوقف زيادة الأسعار؟!
ارتفعت معظم أسعار السلع الاستهلاكية بلا استثناء، ولا أظن أن هناك تاجراً أو صاحب (بقالة) أو (كنتين) أو (سوبر ماركت) خمسة نجوم لم يزد أسعاره، في غياب تام للسلطة أو الدولة، والحجة في تلك الزيادات ارتفاع أسعار الدولار.. فإذا افترضنا أن الدولار زاد فهل السلع التي زيدت أسعارها تم شراؤها قبل الزيادة أم بعدها؟!
إن الوضع الاقتصادي ينذر بكارثة تجاه المواطن الغلبان.. سألت صاحب (بقالة) رفع سعر أحد الأصناف وقبلها بأيام قليلة كان السعر مختلفاً عن السعر المعروض، وقد رفضت الشراء بحجة تلك الزيادة غير المبررة رغم تبريرها من جانبه بزيادة أسعار الدولار.. فكانت إجابته أنني إذا رفضت الشراء فهناك من يأتون ويشترون دون سؤال.. قلت له ربما المقارنة هنا غير واردة بيني وبين الذين يشترون بدون سؤال و(الجمرة بتحرق الواطيها)، فالذي يتعب في الحصول على القرش لن يفرط فيه بسهولة، وهؤلاء (ما ضاربهم حجر دغش) في المال الذي يشترون به، لذلك ينفقونه بسهولة لأنهم لم يتعبوا فيه.
وقرأت في إحدى الصحف الصادرة أمس أن المطابع في اتجاه لزيادة أسعار الطباعة على الصحف بنسبة (10%) والسبب أيضاً ارتفاع في مدخلات الطباعة.
أن انفلات الأسعار وزيادتها تحتاج إلى موقف من جانب الدولة حتى لا يتحجج البعض بارتفاع أسعار الدولار وكل شخص يزيد بطريقته لتصل الزيادات سلعاً مخزنة قبل سنوات تم شراؤها بتراب القروش لتباع اليوم بالملايين، لا وازع ولا ضمير يثني هؤلاء عن الزيادات المتصاعدة، ولا الدولة لها خطة في وقف انفلات الأسعار، ولا المواطن استطاع وقف الزيادات بالمقاطعة كما هو معمول به في كثير من دول العالم التي يتخذ مواطنها المقاطعة الحقيقية موقفاً إذا أحس أن الأسعار لا تتناسب مع دخله، أو محاولة كبح جماحها بهذا الأسلوب الذي يجبر التجار على وقف استغلالهم للمواطن.
الصحافة لما لها من دور مهم في المجتمع، ومن خلال الزيادة التي يفرضها أصحاب المطابع على الصحف والأسعار الجديدة يفترض أن يتخذ كل الناشرين موقفاً واحداً بالإضراب الشامل عن الصدور لفترة يتم تحديدها من جانبهم (يوم أو ثلاثة أيام) لإجبار التجار وأصحاب المطابع على التراجع عن قرار الزيادة وإجبار الدولة نفسها على دعم الصحف وإعفائها من كل مدخلات الطباعة، فالإضراب من جانب الصحف سيشل المجتمع والدولة وكما قال أبو الصحافة السودانية “حسين شريف” (شعب بلا جريدة قلب بلا لسان)، ولا أظن أن الدولة ستحتمل غياب الصحافة ليوم واحد ناهيك إذا استمر الإضراب لعدة أيام، ولا سبيل لوقف تلك الزيادات إلا باتخاذ المواقف الشجاعة من جانب الناشرين في مجال الصحف، ومن جانب المواطن في شراء السلع الاستهلاكية.