ولنا رأي

هل سيستقر الجنوب بعد اتفاق أديس؟!

لقد أضرت القيادة في دولة جنوب السودان نفسها وشعبها، كما أضرت بدولة الشمال نظراً للمعارك الداخلية التي نشبت فيها وكان طرفاها رئيس حكومة الجنوب “سلفاكير ميارديت” والدكتور “رياك مشار”، لذلك فإن الاتفاق الذي وقع بين الطرفين بأديس أبابا في اليومين الماضيين كان من المفترض أن يتم التوصل إليه قبل اندلاع تلك المعارك التي أودت بحياة الكثيرين من أبناء شعب الجنوب الذين تصارعوا واقتتلوا فيما بينهم من أجل السلطة.
إن الاتفاق الذي وقع بين رئيس حكومة الجنوب “سلفاكير” ونائبه السابق “رياك مشار” هو الخطوة الصحيحة لبناء دولة الجنوب من جديد، إذ إن الحرب لا تخلف إلا الدمار وحصد أرواح البشر من أبناء دولة الجنوب الذين عاشوا من أجل أن تكون لهم دولة مستقلة، ولكن حلمهم قد تبدد بسبب الصراع على السلطة فيما جنى أولئك السراب، وإذا رأت القيادة في دولة الجنوب أنها تعمل من أجل مصالح شعبها فينبغي أن تتنازل عن كل أمر يتعلق بالأشخاص قبل أن يوقع هذا الاتفاق.
حدثني أحد الأخوة الجنوبيين الذي عاد إلى الشمال بعد أن رأى بأم عينيه الموت نهاراً جهاراً، قال لي: (نحن الآن لا نشعر بالأمن والاستقرار في دولتنا الوليدة.. نشعر يومياً بالخوف يتسلل إلى دواخلنا لأن أخوتنا الجنوبيين ليست لهم رحمة ولا رأفة فيما بينهم)، وقال أيضاً: (لقد شاهدت الجنوبي يذبح أخاه الجنوبي كما تُذبح الشاه دون رأفة، بل إن الجنوبي لا يمد يد العون والمساعدة لشقيقه حتى ولو شاهده وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة).
إن دولة الجنوب وقيادتها عليهم مسؤولية تاريخية في بناء تلك الدولة الوليدة، التي يحلم بها أبناؤها ليعيشوا كما تعيش الخلائق الأخرى، والاتفاق فرصة تاريخية لتسوية الخلافات والنظر إلى المستقبل، وإلا فإن المصير سيكون كما حدث في رواندا وغيرها من الدول الأفريقية التي أكلت بنيها.
ودولة الشمال ستكون أسعد بهذا الاتفاق، لأنه سيقود إلى الاستقرار وإلى تدفق النفط من جديد، وسيعيد الحياة إلى الدولار الذي كاد أن يموت بسبب إغلاق أنابيب البترول.. كما سينعش الحياة الاقتصادية بين البلدين، وستفتح الممرات لعبور المنتجات الزراعية وغيرها من دولة الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال.. لذا لا بد أن نحتفل بهذا الاتفاق الآن، وأن نسانده ليعود الأمن والاستقرار إلى دولة الجنوب، ولتعود المشاريع وتنفيذ بنود الاتفاقيات التي وقعت بين الطرفين في آخر زيارة لرئيس دولة الشمال إلى الجنوب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية