من وراء ارتفاع الدولار؟!
أشارت بعض الصحف الصادرة أمس(الأحد) أن الدولار قد تراجع من (9,300) جنيه إلى تسعة جنيهات للبيع، فيما بلغ الشراء أكثر من ثمانية جنيهات. لا ندري ما هو سر هذا التراجع ولا ندري ما هو سر الارتفاع الجنوني الذي وصل إليه الدولار والذي لم يشهده في أي حكومة من الحكومات السابقة.. ونذكر أن العميد”صلاح كرار” وقتها مع بداية(الإنقاذ) قد قال قولته المشهورة: (لو ما جات الإنقاذ كان الدولار وصل عشرين جنيه). وها نحن في (الإنقاذ) فقد وصل الدولار ما يقارب العشرة جنيهات دون أي مبرر يذكر.
في ظل الحكم المايوي كان الكيد السياسي وراء الارتفاع الجنوني لأي شيء، (دولار ريال شيك سياحي)، حتى المحصولات الزراعية إبان تلك الفترة كانت منعدمة تماماً. والسبب ليس قلة في العملات الأجنبية ولا المنتجات الزراعية، ولكن المعارضة آنذاك كانت تكيد للنظام المايوي وتحاول بشتى الطرق أن تسقطه.. وفي حديث مع نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي الأستاذ (عبد الله حسن أحمد) نشر في هذه الصحيفة قال: (إن الجبهة الإسلامية القومية شاركت مع نظام مايو من أجل إسقاطه)، وهذا يعني أن كل حزب يحاول أن ينفرد بالسلطة ومشاركة الجبهة كان هدفها أن ترث النظام المايوي. وبالفعل ورثت الجبهة نظام مايو ولكن ورثتها لمايو هل جعل الأرض ممهدة تحتها لتقيم عليها دولة العدل. أبداً لقد حاولت أن تؤسس لنظام غير مسبوق بالسودان، ولكن استعجلت الحكم فأشركت معها كل الطامعين في الحكم وفي الجاه وفي السلطة. ومن هنا ظهرت سوءات النظام بسبب قلة التجارب وأسندت بعض الوزارات لشباب لم تكن لديهم الخبرة الكافية، فالمال والشباب فتناهم وبدأوا يعينون من يريدون ويقيلون من لا يتماشى مع سياساتهم، وادعوا أنهم من أتوا بهذا الحكم فلا أحد يسألهم فيما يعملون. ولكن ظهرت المعارضة وبدأت تكيد للنظام لوقف جماح أولئك الطامعين، وبعد الاستقرار الذي شهدته البلاد بعد إنتاج وتصدير البترول تراجع الدولار لأدنى مستوى له مقارنة مع الجنيه السوداني، إذ بلغ سعر الدولار اثنين جنيه ولكن تصاعد السعر بعد انفصال الجنوب.. وظل في حالة تصاعد حتى وصل ما وصل إليه لما يقارب العشرة جنيهات بدون أي مبررات. ولكن إذا عدنا للأسباب نجد أن هناك من يحاولون إحراج الحكومة أو إسقاطها كما فعلت الجبهة الإسلامية، وربما تكون جماعات تشارك في نظام الحكم أو جماعات محسوبة عليه، ساهمت في ارتفاع أسعار الدولار بالمضاربات الخفية. وهذا وارد جداً أن تكون هناك جهات تدعي أنها محسوبة على النظام، ولكنها تعمل من أجل تفكيكه وخلخلته وإلا لماذا تصاعد الدولار في فترة وجيزة ووصل هذا الرقم، وهو رقم لم تشهده دولة مصر القريبة التي تعاني من اضطرابات سياسية لما يقارب الثلاث سنوات، ودولارها لم يصل سبعة جنيهات وليس تسعة جنيهات.
إذن إن ارتفاع الدولار وراءه جهات تحاول تخريب الاقتصاد، وهذه الجهات يفترض أن يراقبها الأمن الاقتصادي، يتابع من يتعاملون معها، فإذا ما توصل إلى الحقيقة فيمكن أن يصل إلى الحل، ولكن دون ذلك فإن المسألة تظل في حالة ارتفاع وهبوط والمتضرر الوطن في النهاية، ولكن بالحسم الرادع يمكن أن تعاد الأمور إلى نصابها.