متى يطول نفََس مسؤولينا؟!
لكل جديد لذة، ونقول الجديد شديد، وهذا يعني أن كل جديد يعجب الإنسان، وإذا دخل التلميذ المدرسة لأول مرة تجده معجباً جداً بها ويصحو من النوم باكراً وإذا أقبل العيد واشتري للطفل ملابس جديدة لا يستطيع النوم، ويسأل كل مرة متى يكون العيد، وأحياناً تجده واضعاً الملابس أمامه وهو نائم، وإذا كان مسافراً لدولة أجنبية لأول مرة تجده في أحر الشوق لرؤية تلك الدولة أو المدينة، وهكذا الإنسان وحتى إذا اعتاد على الشيء تركه أو قلّ حماسه وفتر.
فشاهدت الأيام الماضية حركة دائبة في الطرقات وفي الأسواق ونظافة وهمة في نقل النفايات وملاحقة الباعة الجائلين ومطاردة أصحاب الحافلات والركشات من الوقوف في الأسواق بالطرق العشوائية، فاستحسنا خيراً أن المعتمد الجديد جاء ليطهر مدينة أم درمان ويجعلها مدينة تستحق الاسم، إلا أن هذا المعتمد فتر قبل أن يكمل الأشهر الثلاثة الأولى فإزالة الأنقاض التي شاهدناها في بداية الأمر انحسرت وما زالت الأنقاض في أماكنها وحتى التي أزيلت من الأسفلت ووضعت إلى جانبي الطريق ما زالت كما هي، والصورة العشوائية داخل الأسواق والباعة الجائلون وافتراش الأرض عادت الصورة لما كانت عليه من قبل، وهذا يدل أن نفس السودانيين قصير جداً في المتابعة حتى المرافقين أو المشرفين يقل حماسهم، وهذه هي روح السوداني إن كان وزيراً أو موظفاً بسيطاً، فلن يستطيع أن يستمر بنفس الروح التي بدأ بها.. ودخل هذا حتى في أنديتنا الرياضية.
فهلال الملايين أصبح الوحيد من ضمن الأندية الرياضية المنافسة في البطولة الأفريقية بعد خروج المريخ وأهلي شندي من المنافسات الأفريقية، ولكن هل يستطيع أن يصمد الهلال حتى نهاية البطولة أم يتعثر في المباريات القادمة؟ فإذا نجح اليوم في تخطي الفريق الكنغولي هل بإمكانه أن يستمر في دوري الثمانية ثم الأربعة ثم الوصول إلا المباراة النهائية، وحتى إذا وصل المباراة النهائية حتى يستطيع أن يحصل على كأس البطولة هناك مشكلة لدينا نحن السودانيين على كل المستويات وليس على مستوى كرة القدم، وقد ذكرنا في مقدمة هذه الزاوية، وكيف خمد حماس المعتمد الجديد الذي جاء بروح عالية ليجعل من أم درمان مدينة تشبه اسمها، ولكن سقط في أول الطريق، فالركشات بسوق أم درمان على قفا من يشيل، والأنقاض والمجاري والمياه الراكضة كما هي، والطرقات مزدحمة والباعة الجائلون عادوا كما كانوا وبنو شمس خلف السينما، فلم يتغير شيء، فلا ندري كيف نصلح حالنا؟ ومتى يكون نفََس مسؤولينا أطول؟!