ولنا رأي

زيارتي إلى القاهرة (8)

فتحت مصر قلبها وفؤادها لكل الطلبة السودانيين فمن لم يجد مقعداً في الكلية التي يرغب الدراسة فيها، يجد معهداً لمواصلة دراسته فوق الجامعية. وبذلك ازدهرت المعاهد في مصر وقل من لم يجد فرصة للدراسة، فهناك معاهد التبريد والتكييف ومعاهد اللاسلكي وهندسة الراديو والتلفزيون وغيرها من الدراسات. فنذكر ممن حضروا آنذاك ولم يوفقوا في الكليات فالتحقوا بتلك المعاهد والآن يشار إليهم بالمهندسين، أمثال “صلاح عثمان أحمد دفع الله” (كبكه) و”عبد القوي علي فرح” و”عادل الكتم”. ومن الطرائف مع تلك المجموعة أننا دخلنا سينما (أوديون) وكان معنا الدكتور “موسى عمر محجوب” والدكتور “عدلي خليل” و”كبكه”، ودائماً عندما تطفأ الأنوار يساعدك على الحصول على كرسيك موظف السينما، فيقوم بأخذ كل التذاكر ويطلب منك أن تتبعه إلى أن تصل إلى المكان المخصص وفقاً للتذاكر التي يحملها هذا الساعي أو الموظف، فنحن لم نتعود على (البقشيش) ولم نسمع به. وعندما جلسنا ظلَّ الرجل واقفاً ولم نعرف سر وقوفه ولكن قال لي ممن عرفوا السر (أديه). قلت (ليه أديه أيه) قال لي (أي حاجة) فناولته تعريفة ووقتها لم أعرف أن تلك التعريفة ستحدث ضجة داخل السينما. هاج الرجل وأرعد وأزبد وملأ قاعة السينما ضجيجاً وجعل كل الإخوة المصريين يتهامسون عن تلك التعريفة. ولكن أصبحت تلك التعريفة مسار ضحك ونكات حتى يومنا هذا. إن مصر لها أفضال كثيرة علينا فقد منحتنا العلم عندما كان العلم قليلاً في وطننا، فهاجر أبناء السودان إلى كل بلد يحاولون من خلاله بلوغ الغاية والمُنى. مصر لم تكن قاصرة على أحد فمن الشخصيات التي لم ننسها نذكر الأستاذ “عز الدين أحمد المصطفى” ابن الهرم الفنان “أحمد المصطفى”، جاء إلى القاهرة لدراسة الطيران مثله ومثل “أكرم ابن نفيسة المليك”وهو من الطلبة السودانيين الذين جاءوا لدراسة الطيران بأمبابه وتخرج طياراً والتحق بالقوات المسلحة. ومن الشخصيات أيضاً أبناء الأستاذة “عزيزة مكي” إحدى رائدات التعليم بالبلاد. “أشرف” و”أبو المكارم” وكذلك أبناء الإذاعية المخضرمة “سكينة عربي” “أسعد” و”أكرم” بطب الزقازيق والأخ الصديق الشاعر “مختار دفع الله” الذي تحول من كلية الزراعة بالزقازيق إلى كلية الآداب، لأنه كان في غاية الحساسية من تشريح الزهور.
لقد درج الطلبة السودانيون من خلال الروابط التي يقيمونها الاحتفال دائماً بالطلبة الجدد وكذلك حفلات التخرج، وأحياناً يأتي طلبة من الإسكندرية أو الزقازيق للمشاركة في احتفال تخريج زملاء بطب عين شمس أو بإعلام القاهرة أو بشريعة الأزهر.
إن نادي الوافدين بمنشية البكري كان دائماً في حضرة الطلبة السودانيين، وقد شهد العديد من الاحتفالات للخريجين والطلبة الجدد. ومازالت ذكراه باقية ومازال الطالب “علم” بتجارة عين شمس صاحب الصوت الندي مؤدياً لأغاني “صلاح بن البادية” الذي كان حاضراً ومشاركاً بالغناء في حفلات الاستقبال والوداع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية