ولنا رأي

كيف نحمي مستثمرينا حتى لا يغادروا البلاد؟

بينما الدولة تفتح أبوابها للاستثمارات الأجنبية وتطالب المستثمرين العرب باستثمار أموالهم في السودان لما يتمتع به السودان من خصال تساعدهم في زيادة أموالهم، نجد أن المستثمر السوداني يواجه بصعوبات جمة تضطره للهروب من السودان للاستثمار في دولة أخرى، والسبب أن كثرة الجبايات على المستثمرين المحليين جعلتهم يضيقون ذرعاً من تلك الجبايات ومن الموظفين الذين يتفننون في كيفية الحصول عليها والممارسات الخاطئة، والفساد المستشري منهم جعل أبناء هذا الوطن والمخلصين والحادبين على استثمار أموالهم فيه يفكرون بكل جدية أن ينقلوا كل نشاطهم إلى خارج البلاد.
حدثني شخص أثق فيه تماماً وهو من كبار رجال الأعمال وله العديد من المصانع فلم تحدثه نفسه في يوم من الأيام أن يترك هذا الوطن أو يحاول نقل نشاطه التجاري والاستثماري، كما يفعل الكثيرون بنقل نشاطهم إلى خارج الوطن ولم يكن هو الوحيد بل هناك كثير من رجال الأعمال المخلصين، وهبوا أنفسهم لخدمة هذا الوطن واستطاعوا أن يقدموا للدولة أعمالاً جليلة متى ما طلب منهم.
مازال يحدثني هذا الرجل والحسرة تملأ قلبه لما يعانيه من قسوة أبناء الوطن، قال إن شخصاً من كبار رجال الأعمال السودانيين انتقل إلى الرفيق الأعلى ويدير أعماله الآن ابنه أو أحد أقربائه فلم تراع الدولة أو المسؤولون فيها ما قدمه هذا الرجل للوطن عندما كان في أحلك الظروف، كان يقدم للدولة شيكاً على بياض لتحرير ما تحتاجه الدولة من عملات صعبة، الآن صغار الموظفين والذين يحاولون استغلال أوضاعهم الوظيفية لم يراعوا المكانة الاجتماعية لهذا الشخص طالبوه بسداد مبلغ تضاعف (300%) وعندما التزم بسداد المبلغ الذي كان مخصصاً من قبل أجبره الموظف على دفع المبالغ الجديدة التي لا يسندها أي منطق وأخيراً اقتيد إلى النيابة وحرر له بلاغ.
إن التشدد على رجال الأعمال السودانيين ومواصلة الجبايات غير المنطقية قد تدفع بهم للهجرة إلى خارج الوطن، كما فعلها من قبل كثير من رجال الأعمال الذين يعملون الآن في ماليزيا وفي الصين وفي نيجيريا وحتى إثيوبيا الآن بها عدد كبير من المستثمرين السودانيين.
إن الدولة تحاول أن تجعل من موظفيها ترسانات لوقف أي نشاط استثماري تعود فائدته للوطن من خلال العصابات التي تعمل في صمت دون أن تصل المعلومة إلى الجهات العليا، وهؤلاء المستثمرون لا حيلة لهم أمام المضايقات والجبايات التي تفرض عليهم ولا ندري من المستفيد من ذلك.
الدولة والجهات المسؤولة تطالب بتقديم مستندات للاتهام المساق ضد أولئك المفسدين ولكن مثل هذا الفساد لا يحتاج إلى مستندات ولا أوراق ولا شهود.. زيارة واحدة إلى منازل أولئك الموظفين تكفي لكشف الفاسدين والمفسدين والمتلاعبين بأموال الدولة. كيف يمتطي موظف سيارة قيمتها ملايين الجنيهات ولا يتعدى راتبه الشهري بضع آلاف جنيه، ومنزل من عدة طوابق.. من أين أتى بكل هذا؟.. فهل هذا محتاج إلى مستندات رسمية أو شهود. ينبغي على الجهات العليا بالدولة أن توقف فساد الصغار حتى لا يكبر ويطال الجميع وعليها أن تدعم الوطنيين من رجال الأعمال والمستثمرين حتى لا يهاجر الآخرون.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية