ولنا رأي

لابد من قانون رادع لجذب استثمارات العرب!!

منذ أن كنا طلبة في المدارس نسمع أن السودان سلة غذاء العالم، بل كل العرب موقنون بهذه السلة التي ستكون مخرجاً لكل سكان الوطن العربي أولاً ثم بقية العالم، لأن السودان يتمتع بأراضٍ خصبة ومياه عذبة متدفقة تكفي لري ملايين الأفدنة بدون انقطاع، ناهيك عن المياه الجوفية التي يمكن الاستفادة منها في الزراعة في المناطق التي لم يتوفر فيها الري الصناعي.
السيد رئيس الجمهورية في أحد المؤتمرات دعا الرؤساء إلى الاستفادة من أرض السودان في الزراعة، وبالتأكيد لا يوجد رئيس دولة أو وزير زراعة سيرفض مثل هذا العرض، فكل ما تأكله الدول العربية يأتيها من دول أوروبية، وكل الشحنات التي تأتيها من المواد الغذائية بسبب طول الفترة تفقد مذاقها، وهذا واضح للعمالة السودانية الموجودة بدول الخليج، فيحسون دائماً بالفرق ما بين الطعام الذي يتناولونه في بلاد المهجر وفي بلدهم عندما يأتون في الإجازات، حتى اللحوم تجدها مجمدة بالشهور كالفراخ والأسماك وكلها فاقدة الطعم بسبب التخزين.
أمس الأول تحدث رئيس الجمهورية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي الذي انعقد بقاعة الصداقة، داعياً الدول العربية إلى تقديم المزيد من الدعم العربي لإكمال البنيات التحتية في مجال الإنتاج الزراعي، وأكد التزام السودان بقبول أية مبادرة عربية من شأنها تحقيق الأمن الغذائي وسد فجوته، وفتح باب الاستثمار للعرب لتحقيق الاستفادة المشتركة بينهم والسودان.
كل المؤتمرات يدور فيها حديث طيب وتخرج بتوصيات ممتازة لكنها لا تطبق على أرض الواقع، وبمجرد انتهاء المؤتمر تكون التوصيات قد وضعت في الأرفف ولا أحد بعد ذلك يتقدم بالسؤال عنها.
إن السودان به خير كثير له ولكل الأمة العربية والإسلامية والعالمية.. ولكن المشكلة ما زالت تكمن في المواطن السوداني نفسه، فعندما أنشئت وزارة للاستثمار تدافع عدد من المستثمرين العرب قاصدين وضع رؤوس أموالهم في مشاريع تنميها، لكن هؤلاء المستثمرين ما أن يقصدوا الوزارة المعنية حتى يجدوا كثيراً من العقبات تعترضهم بأساليب أولئك السماسرة الذين (يطفّشون) المستثمرين بدلاً عن جذبهم.. حدثني السفير الأسبق لدولة قطر بالخرطوم “علي بن حسن الحمادي” بأنه دعا عدد من المستثمرين القطريين لاستثمار رؤوس أموالهم بالسودان، باعتبار أن السودان هي الدولة الوحيدة التي يمكن أن تنمي هذه الأموال.. ولكن ماذا فعل أولئك الموظفون مع هؤلاء المستثمرين.. لقد (كرهوهم) السودان واليوم الذي جاءوا فيه إلى السودان. ولكن قناعة السيد السفير كانت تختلف، وأصر على أن يستثمر أولئك في السودان، وقد كانت له علاقة طيبة بالدكتور “مصطفى عثمان إسماعيل” وبالنائب الأول الأستاذ “علي عثمان محمد طه”، فاستطاع أن يحل المشكلة، ولكن إذا لم يجد المستثمرون شخصية مثل “الحمادي” فبالتأكيد سيأخذون (عفشهم) في نفس اليوم ويغادرون.. لذا إذا كانت الدولة راغبة في جذب استثمارات الأخوة العرب فلابد أن تزيح أولئك (الحرامية) أولاً، مع وضع قانون رادع لكل من يحاول استغلال المستثمرين الأجانب إما بالسجن أو بالغرامة والإبعاد عن الوظيفة.. وإلا ستأتي وفود وتغادر دون أن تستثمر مليماً واحداً في السودان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية