هذه صورة من صور المؤامرات!
فقدت الإنقاذ كثيراً من القيادات الوظيفية بسبب المؤامرات والكيد من أجل اعتلاء الوظيفة أو الادعاء بأن الإنقاذ جاءت لأفراد معينين وكل من لا يكون له الولاء لها فليخرج منها وهذا أدى إلى تدني في الخدمة المدنية والخاسر في النهاية ليست الإنقاذ، ولكن الوطن الذي صرف على أولئك الأشخاص أموالا طائلة في تدريبهم وتأهيلهم، ولكن هذا التدريب وهذه الخبرة فقدها الوطن بأفعال أولئك الخبثاء والمتآمرين من أجل دنيا فانية.
عندما انتفض الشعب في ثورته الظافرة في أبريل 1985م، لم تمض أيام بعد الإطاحة بنظام “نميري” إذا بمجموعات قادت مسيرات احتجاجية تطالب السلطات المختصة بحل جهاز الأمن باعتباره أحد مفاسد النظام المايوي وكل عمليات التعذيب التي تمت خلال حقبة مايو لبعض السياسيين كانت من قبل هذا الجهاز.. السلطات حاولت تثني المحتجين والمتظاهرين وقتها ولكن كانوا أقوى منها فطالبوها بحل الجهاز وأخيراً استجابت لتلك الأصوات وفقدت البلاد أهم عناصرها بهذا الحل. كثير من الدول كانت في حاجة إلى مثل هؤلاء الضباط فتخطفتهم واحداً تلو الآخر وكتب لهم مستقبل جديد في بلاد تنعم بالأمن والاستقرار ليس فيها سياسة ولا تهريب، عاشوا أحلى أيام حياتهم وأمنوا مستقبلهم ومستقبل أولادهم.. وبدأ السودان في تأهيل وتدريب عناصر جديدة.
إن المؤامرات والدسائس كلها من صنع البشر، والإنقاذ دارت فيها حركة مؤامرات كبيرة أدت إلى ضياع ثورة كبيرة من البشر، منهم من هاجر ومنهم من تخطفته الشركات الخاصة.
قبل أيام وفي أحد المرافق المهمة بالدولة استمعت إلى شخص أثق فيه تماماً حدثني عن المؤامرات التي تدار في هذا المرفق الحساس وكيف فقد هذا المرفق أهم عناصره التي عملت لأربعين عاماً بدون كلل أو ملل، حاول أن يقدم للوطن خدمة استفاد منها منذ أن كان طالباً ثم موظفاً في المرفق الحساس، ظل يعمل بجد وإخلاص والآخرين يوسعون من قطر الحفرة التي بدأوا في حفرها، والمسؤول الكبير لا يدري بتلك المؤامرة الخبيثة.. كان يظن في أولئك خيراً.. كان يعتقد أنهم الأيادي البيضاء هم الأطهار الأتقياء، ولكن كانوا هم الخبثاء الذين يحاولون تدمير المؤسسة ونهبها من أجل المصلحة الشخصية، بينما هؤلاء يعملون من أجل المصلحة الوطنية.. كانوا يذهبون إلى الرجل الأول ينبهوه بخطورة أولئك، ولكن لا حياة لمن تنادي.. وأخيراً خرج الرجل الثاني بعد فترة حافلة بالعطاء وخدمة الوطن ولم يتقدم أحد لوداعه ولم تقم له المراسيم شأنه وشأن كل موظف عمل لفترة طويلة، أما الموظف الكبير الثاني كان تربطني به علاقة حميمة كنت أثق فيه تماماً أحببته لوجه الله، لم تكن بيني وبينه أي مصلحة أو منفعة.. كنا نتبادل الرسائل في المناسبات ولم ألحظ في يوم من الأيام أنه كان من الفاسدين أو المفسدين، ولم يحدثني قلبي عنه بسوء، كان متفانياً في عمله لدرجة الزهد.. له ابتسامة عريضة، ولكن عمليات الحفر كانت تعمل دون أن يدري إلى أن جاءت اللحظة التي سيسقط فيها الرجل وبالفعل وقع على ورقة لم يدر أنها كانت مؤامرة مدسوسة له ولم ينتبه لفعل أولئك الخبثاء، ولم تستوثق الدولة ولا الرجل الحكيم من تلك الفعلة ولم يستدع الرجل المسكون بالطهر والنقاء وخرج مغضوباً عليه وعاث أولئك فساداً ولكن الله كشف أمرهم ولا ندري لماذا تمت تغطية الفساد وطلب من الشخص تقديم استقالته فقط، هذه صورة من ملايين الصور في الإنقاذ.