لماذا تُشكَّل اللجان طالما لا توصي بالإدانة؟!
أمير إحدى إمارات الدول العربية، شكَّل لجنة تحقيق مستعجلة وأوقف كل المهندسين وطنيين وأجانب عندما اكتشف خللاً في المبنى الذي تم تشييده حديثاً وتدفق الماء داخل أسقف المبنى.. نحن في السودان يضيع الموسم الزراعي بحاله ويتضرر الوطن والمواطن والمزارع بسبب تقاوى فاسدة وتشكَّل لجنة تحقيق لمعرفة أين الخلل، وتصدر اللجنة قرارها بلا ضرر أو ضرار بمعنى لم يطال حكم اللجنة أي شخص من المتسببين في ذلك الفشل الذي أكد وزير أنه سوف يتحمل الخطأ، ولكن هذه اللجنة التي من المفترض أن تحكم بالعدل بين الناس، بنك زراعي أو وزير زراعة أو (مخزنجي) أؤكل إليه تخزين تلك التقاوى، وفشل في تخزينها بالطريقة الصحيحة، فالمزارعون جميعاً أكدوا فساد تلك التقاوى وفشل الموسم الزراعي واللجنة لا تدين أحداً، ولو كان هناك أحد الفقراء والمساكين وغير المسنودين لطالهم القانون، ولحكم عليهم بليل وليس بتشكيل لجنة واحدة، فربما شُكِّلت عشرات اللجان لأن أولئك المفسدين خربوا الاقتصاد الوطني وأضاعوا الموسم الزراعي على الوطن، بل حرموا الوطن من تصدير هذا القمح ولو لدولة (يوغندا) أو (اريتريا) أو (تشاد) أو دولة جنوب السودان التي انفصلت حديثاً.
نحن أمة لن نتقدم طالما القوي لا يُسأل ولا يُدان، بينما المساكين يطاردون بالأزقة والشوارع، فهل رأيتم البسطاء والمساكين بالسوق العربي وهم يطاردون من قبل الشرطة والبلدية لأنهم يريدون أن يأكلوا رزقهم بالحلال عن طريق تلك (الدرداقة) التي حاولوا من خلالها أن يعيشوا عيشاً كريماً لا يستجدون أحد ولا يسرقون مال أحد، ولكن البلدية تطاردهم الليل والنهار والسبب أنهم يريدون أن يأكلوا من عرق جبينهم وهؤلاء لا يتركونهم ليأكلوا.. بينما التماسيح الكبيرة تأكل في البر والبحر ترفع أسعار الأسمنت على كيفها وتخفضه، ترفع أسعار الدولار على كيفها وتخفضه، تستجلب كل الأصناف الضاربة والمنتهية الصلاحية ولا أحد يسألها.. يستوردون من (الصين) أردأ أنواع الصناعات ويغشون المواطن المسكين ولا أحد يسألهم.
الآن الأسواق مليئة بأسوأ أنواع الصناعات المستجلبة من (الصين)، فلمبة نايلون لا تصمد مع التيار الكهربائي لثمانية وأربعين ساعة وكل اسبير إذا أردت استبداله بالاسبير الصيني فلن يعيش شهراً لو لم يكن أسبوعاً والجميع يعرفون ذلك.. والآن فقد المواطن الثقة في كل المنتجات التي تم استيرادها من (الصين) بواسطة أولئك التماسيح الذين يقوم بمساعدتهم فيها (الورل) القابع في كل وزارة من الوزارات إلى أن يصبح تمساح بعد أن يشبع من التماسيح الكبيرة ليتحول إلى تمساح جديد ويحاول أن يستفيد منه (ورل) جديد ليصبح تمساحاً بلا حياء أو ذمة أو ضمير.. أين المواصفات وأين حماية المستهلك؟ كيف تدخل كل تلك البضائع المغشوشة إلى أسواقنا ألم يتم كشفها بالموانئ؟ ألم تتدخل المواصفات لحماية المواطن من عبث أولئك التجار ومن يقف خلفهم؟ نحن أمة انعدم فيها الضمير وأصبح كل شخص يريد أن يصبح بين ليلة وضحاها من أصحاب الجاه والسلطان والمال، فانظروا حولكم لأولئك الطفيليين الذين نبتوا كالشياطين، ولذلك اليوم تقاوى فاسدة وغداً صناعة فاسدة وبعدها فساد في كل الأماكن طالما اللجان لا تدين الفاسدين!!