كيف يحسم التمرد؟!
توعد الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” وزير الدفاع بصيف ساخن على التمرد في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، وتوعد السيد الوزير يعني شن هجوم مكثف على التمرد بتلك المناطق والتي تشكل هاجساً كبيراً للدولة، إذ ظلت تلك المناطق في حالة من التوتر بسبب الكر والفر بين أفراد الجبهة الثورية التي يقودها “مالك عقار” والي النيل الأزرق الهارب و”عبد العزيز الحلو” نائب والي جنوب كردفان الذي خسر الانتخابات وبسبب تلك الخسارة غادر الولاية بعد أن شن هجوماً عنيفاً راح ضحيته عدد من الأبرياء.
السيد وزير الدفاع لم يكتفِ بشن الهجوم على مناطق التمرد، ولكن قال بأن الحركة الثورية ترتب لاغتيالات وسط السياسيين بتلك المناطق، وهذا يعني أن الجبهة الثورية تبيت النية لشن هجوم آخر على الحكومة باغتيال السياسيين، وهذا الهجوم لن يحل القضية ولن ينهي التمرد إن كان من جانب الحكومة أو من جانب الجبهة الثورية. وهذه الجبهة كانت تعتمد في الفترة السابقة على حلفائها بالحركة الشعبية بدولة الجنوب، ولكن حكومة الجنوب الآن بدأت شهر عسل جديد بينها وبين دولة الشمال، مما يعني أن الجبهة الثورية فقدت أهم حلفائها منذ أن كانت الحركة الشعبية تضم أبناء الجنوب وأبناء جبال النوبة، الذين دخلوا في حلف إستراتيجي معها قبل أن تتوصل الحركة الشعبية إلى سلام مع الحكومة. ولكن الحركة الشعبية بعد فصل الجنوب وأصبح الجنوب دولة مستقلة شعرت القيادات الجنوبية أنها لن تستطيع أن تقف مع حكومة الشمال في أي حرب تقوم بها، نظراً لحداثة الدولة وأنها ستواجه ضغوطاً من قبل الشعب الجنوبي الذي يطمع في العيش في سلام مع بناء دولته الحديثة، ولذلك كلما حاولت أن تدخل حكومة الجنوب في حرب مع الشمال خسرت تلك الحرب، والسبب قطاع الشمال الذي يكن عداءً للشمال، ولذلك فطنت حكومة الجنوب لنفسها وباعت قطاع الشمال، وأوقفت كل الدعم الذي كانت ترسله من عتاد وسلاح ومال، لذا لجأ قطاع الشمال والجبهة الثورية التي كونت من بعد ذلك إلى حليف آخر، فهاجرت إلى أوروبا تطلب العون والمدد والمساعدة، وقد نالت مبتغاها.. لذلك الآن تتحدث عن هجوم على المناطق التي كانت تتواجد فيها كالنيل الأزرق وجنوب كردفان ومناطق دارفور، التي لم تتوقف عمليات السلب والنهب على المواطنين فيها.
إن حديث الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” وزير الدفاع ببدء العمليات العسكرية بتلك المناطق قد يحدث بعض التخوف، وربما أدى الهجوم إلى تراجع المتمردين، ولكن هذا الهجوم لن ينهي التمرد نهائياً وربما يكسر شوكته ويقلل من خطورته، ولذا من الأفضل والأنسب لحل المشكلة أن تجلس الأطراف مع بعضها البعض لحل المشكلة السودانية، لأن السودان حينما كان دولة موحدة فإن الحرب التي استمرت لخمسين عاماً مع الجنوب، لم يستطع طرف على سحق الطرف الآخر، وظلت الحرب تحاك بين الطرفين ومات فيها الكثير من أبناء الشمال والجنوب، إلى أن جاءت مرحلة السلام التي توصل فيها الراحل دكتور “جون قرنق” مع الأستاذ “علي عثمان محمد طه” إلى اتفاقية نيفاشا 2005م، والتي أوقفت الحرب وفتحت طاقة للسلام ينعم بها أبناء الجنوب الآن. ولذلك الجبهة الثورية وقطاع الشمال لابد أن يعوا الدرس، ولا بد أن يجلسوا لحل المشكلة لتنعم بقية المناطق بالأمن والسلام ومهما استمر الهجوم فلن يحل المشكلة!