ولنا رأي

النائب الأول وحوار " أحمد منصور"

قبل أن يبدأ حوار النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ “علي عثمان محمد طه” مع قناة (الجزيرة) بسبع ساعات تقريباً، قال لي الأستاذ الصحفي “محمد الفاتح أحمد” ماذا تتوقع لهذا الحوار، وكيف سيكون النائب الأول في هذا الحوار، خاصة وأن مقدم برنامج (بلا حدود) الأستاذ “أحمد منصور” يعد من الماكرين في جهجهة ضيوفه، من خلال طرحه للأسئلة المباغتة وأحياناً الأسئلة التي تحمل خبثاً؟، قلت للأستاذ “محمد الفاتح” إن النائب الأول متمرس في اللقاءات الصحفية، وبإمكانه أن يجهجه “أحمد منصور” بالردود القصيرة وعدم الاسترسال في الإجابات التي تعطي مقدم البرنامج فرصة لتوليد أسئلة أخرى من تلكم الردود. وبالفعل حاول مقدم برنامج (بلا حدود) وهو صحفي وإعلامي مميز وبارع في إجراء الحوارات السياسية ويختار ضيوفه بعناية، وقبل أن يدير الحوار يكون قد جمع كمية من الأسئلة والتفاصيل عن الضيف، ولذلك دائماً الضيف يفاجأ بأسئلة لم تخطر على باله، فالنائب الأول لرئيس الجمهورية يبدو أنه كان مستعداً لذلك الحوار فجاء في كامل أناقته مع ربطة العنق التي غاب عنها طويلاً، ولكن كما توقعنا ففاجأه الأستاذ “أحمد منصور” بكمية من الأسئلة أشبه بالضربات السريعة التي يشنها الملاكمون لخصومهم، فالأسئلة الأولى كادت أن تفقد النائب الأول توازنه وتماسكه، خاصة عندما سأله عن إصابة المصابين في الأحداث الأخيرة جاءت في الرأس والصدر، وهل تُسأل عنها الأجهزة الشرطية، وهل الشرطة هي التي أطلقت النار على المتظاهرين، وإذا ثبت أن الشرطة هي التي قامت بقتل المواطنين هل ستتم محاسبتهم؟، بالإضافة إلى أسئلة سريعة ومتواصلة، وكأنما يريد “أحمد منصور” أن يوقع النائب الأول في الفخ بالاعتراف بتلك الجرائم، إلا أن النائب الأول وهو السياسي المتمرس أجاب بدبلوماسية وإجابات كانت مقنعة أفشلت مخطط “أحمد منصور” في انتزاع الاعترافات.
تماسك النائب الأول وبدأ يقدم إجابات لم يستطع “أحمد منصور” أن يولد منها أسئلة أخرى تُوقع النائب في الخطأ، خاصة عند ما أراد مقدم البرنامج أن ينتزع اعترافاً بأن عدد الذين سيقدمون إلى المحاكمات خمسين أم خمسمائة من المتهمين في أحداث الشغب الأخيرة، وكذلك عندما حاول أن يؤكد أن تصريحات نُسبت للنائب الأول بأنه اتهم المحتجين في التظاهرات الأخيرة بأنهم لصوص وشراذم ومشردون، ونفي النائب الواقعة ولم يصرح بذلك.
الزميل “محمد حامد جمعة” عقب بث الحوار، قال لي: لماذا مؤسسة الرئاسة لا تستعين برؤساء التحرير في مثل تلك الحوارات قبل إجرائها، على الأقل لتنوير المسؤول من خلال معرفتهم بمقدمي البرامج أو اللقاءات في الفضائيات العالمية؟، حديث الأستاذ “محمد حامد جمعة” عين العقل، ولكن من المفترض أن يكون للنائب الأول للرئيس مستشارون يستعين بهم في مثل تلك اللقاءات..
أولاً بالجلوس مع الصحفي الراغب في إجراء المقابلة الصحفية أو التلفزيونية حتى يعرف طبيعة الأسئلة المقدمة وإبعاد المحرجة منها إن كانت هنالك أسئلة محرجة أو أسئلة تدخل المسؤول في حرج مع الدول الأخرى، خاصة مثل السؤال الذي طرحه “أحمد منصور” عن علاقة السودان مع مصر، وأن النظام الإسلامي في السودان هو امتداد للإخوان في مصر.
عموماً الحوار كان ممتازاًَ وإجابات النائب الأول فيها قدر كبير من الدبلوماسية، ومنحت الصحف عدداً من الأخبار والمانشيتات، وحصرت مقدم برنامج (بلا حدود) في حدوده، التي لم يستطع أن ينفذ منها إلى أخرى حتى انتهى البرنامج.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية