هل أبيي قنبلة موقوتة فعلاً؟
هل أبيي مازالت قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة وتعكر صفو العلاقات بين الشمال والجنوب التي بدأت تتحسن عقب زيارة رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” إلى جوبا الفترة الماضية.. هل دينكا نقوك أرادوا أن يفسروا تلك العلاقة الجيدة بين الشمال والجنوب من خلال إجراء الاستفتاء من جانبهم رغم أن الاتحاد الأفريقي أقر بعدم إجراء استفتاء بمنطقة أبيي من طرف واحد؟.
إنَّ منطقة أبيي الغنية بالبترول ظلت تشكل عقبة بين دولتي الشمال والجنوب، بل كانت وسيلة ضغط بين الطرفين، ولكن قيادات دولة الجنوب بمن فيهم رئيس دولة الجنوب “سلفاكير ميارديت” عاد إلى صوت العقل، واستجاب إلى الاتحاد الأفريقي بعدم الحديث عن أبيي في تلك الظروف والموافقة بعدم إجراء استفتاء بالمنطقة من طرف واحد، وهذه خطوة تحمد لـ”سلفاكير”، ولكن بعض أبناء دينكا نقوك لهم رأي آخر بعد أن سحبت دولة الجنوب البساط من تحت أقدامهم وأقصوا من السلطة “لوكا بيونق” و”دينقا لور” وهؤلاء يريدون أن يشكلوا وسيلة ضغط أخرى من خلال هذا الاستفتاء الذي أجري بالمنطقة من طرف واحد، حتى يعودوا إلى المواجهة من جديد بعد أن فقدوا النعيم الذي كانوا يتمتعون به.. لذا فإن قضية أبيي لن تشكل أي عقبة في طريق التفاهم الذي بدأ بين الشمال والجنوب بعد زيارة المشير “عمر البشير” مؤخراً إلى جوبا، وحتى “سلفاكير” لم يكن من المتحمسين لهذا الاستفتاء، فهو الآن رجل دولة يريد أن يكسب ود الشعب الجنوبي الذي عانى من ويلات الحرب خلال الخمسين عاماً الماضية، وبسببها ظل المواطن الجنوبي في حالة من الجهل والفقر والتخلف، ليس على مستواه الشخصي وإنما على مستوى الوطن.. الآن “سلفاكير” بعد التعديلات التي أجراها في حكومته مقصياً عدداً من القيادات ومنها بينها الصقور الذين كانوا يفقدون في وجه تحسين العلاقة مع الشمال، الآن فطن “سلفاكير” لأولئك الصقور وأبعدهم تماماً عن واجهة حكمه.
بدأ يحكم دون وصايا من أحد.. فأبناء دينكا نقوك يعيشون الآن في سكرة، كما عاشها أبناء الجنوب عموماً خلال فترة الاستفتاء، فكانوا يحلمون بجنة عرضها السموات والأرض ودولة يُفرش لهم فيها العز والفخار، ولكن بعد الاستفتاء أحسوا أنهم خدعوا، فلم يتمكنوا من عبور كوستي وظلوا في العراء بدون مأوى أو مأكل أو مشرب.. ندم أولئك على الاستفتاء الذي أبعدهم من النعيم الذي كانوا يعيشون فيه في الشمال على الأقل.. لذا فإن أبناء دينكا نقوك سوف يكتشفون تلك الخدعة إذا استمروا في سماعها من أولئك الباحثين عن السلطة والزعامة أمثال “دينق ألور” وغيره من السياسيين الذين لا هم لهم إلا أنفسهم، ولو سمع أولئك البسطاء من دينكا نقوك أحاديث أولئك السياسيين لفضلوا البقاء والعيش في أمن وسلام مع إخوانهم المسيرية الذين ارتبطوا بهم كارتباطهم بتلك الأرض المتنازع عليها.
لابد أن يُحكِّم أبناء الدينكا العقل للوصول إلى هدفهم، دون الالتفات إلى المغرضين من بني جلدتهم، وإذا ظل الصراع والتناحر فلن يجدوا أرضاً ليعيشوا فيها، فمن الأفضل تحكيم صوت العقل، وطالما المجتمع الدولي رافض لتلك الخطوة فلن ينجح الاستفتاء من طرف واحد.