ولنا رأي

كيف يتعافى الاقتصاد السوداني؟!

ذكر بنك السودان أنه ضخ عملة صعبة للمرة الرابعة في المصارف حتى تتمكن من تلبية احتياجات استيراد الدواء، وغيرها من الاحتياجات الضرورية التي تحتاج إلى عملات صعبة للاستيراد .. ولكن هل ما يضخ بنك السودان من دولار سيوقف تصاعد سعر الدولار الذي ظل في حالة صعود مستمر، إلا حالات نادرة يهبط فيها عند ضخ بترول الجنوب والسماح بعبوره عن طريق أنابيب الشمال. عدا ذلك ظل الدولار كل يوم هو في حالة أخرى والمضاربون في السوق الأسود في زيادة، طالما هذا الدولار ظل يرفع وضيعين إلى مراتب رفيعة من خلال خبطات تدر على الشخص ملايين في لحظات، وقد لاحظنا كيف اغتنى المضاربون في الدولار خلال فترة الحكم المايوي، فقد ظهرت طبقة لم يكن لها وجود، فمن خلال المضاربات في الدولار أصبحوا من كبار رجال الأعمال والأثرياء.
سألت مسؤولاً في بنك السودان إن كانت عمليات ضخ العملات الصعبة تؤدي إلى انخفاض الدولار، فأجابني بأن العملية لن تفلح زمناً طويلاً إلا إذا عدنا إلى الزراعة، وكانت الزراعة أو المحصولات الزراعية ذات النوعية الجيدة، وإلا سنظل في عمليات الضخ كما كان في فترة سابقة قبل استخراج البترول واعتماد موارده في الميزانية العامة. كان السودان في المرتبة الأولى في القطن والصمغ والسمسم وغيرها من المحصولات التي جعلت الجنيه السوداني يعادل ثلاثة دولارات وأكثر. والسبب أن تلك المحصولات كانت أفضل وأجود تهتم بها الدولة اهتماماً كبيراً وتصدر أفضل وأجود الأنواع، إن كان في كيفية طق الصمغ أو كيف أخذ أجود الأنواع. وكذلك القطن والسمسم والفول السوداني فكل تلك المحصولات إذا تمت العناية بها بصورة أفضل ربما تغنينا عن البترول وغيره، فالسودان فيه أجود أنواع الزيوت حتى الجبنة إذا تمت مقارنتها بما هو في كثير من الدول نجدها الأفضل. ونقيس على ذلك كثيراً من المحصولات التي تتم زراعتها، وبالإمكان أن تدر علينا عملات صعبة ولسنا في حاجة للاستدانة من صندوق النقد الدولي الذي كان له أثر سالب في اقتصادنا. وما المديونية المتراكمة علينا ما هي إلا بسبب صندوق النقد الدولي والقروض ذات الفوائد العالية.
خلال زيارة رئيس الجمهورية الأيام الماضية إلى مدينة جوبا، التي تطورت بصورة ملحوظة لكل من شاهدها ما قبل وبعد الانفصال سألت الأستاذ”عبد الله دينق نيال” عن سعر الدولار بجوبا، قال إن السعر الرسمي ما بين ثلاثة إلى ثلاثة جنيهات ونصف، أما في السوق الموازي أو الأسود فالسعر لم يتجاوز الأربعة جنيهات. هذه دولة الجنوب الوليدة تحاول المحافظة على عملتها رغم عدم توفر صادرات لها كما التي لن، فلا ندري كيف سيكون حالها إذا كانت تزرع القمح والذرة والسمسم والقطن والصمغ، ولها من الحبوب التي تنتج منها الزيوت المختلفة وبقية الخضروات التي يمكن أن تدر عليها عملات صعبة، مثل البطاطس والخيار والفلفلية والشمام الذي يُصدر إلى عدد من الدول العربية.
إن السودان الشمالي لن يصلح حاله الاقتصادي إلا إذا عاد بصورة جادة إلى الاهتمام بمحاصيله، التي كانت في يوم من الأيام مصدر دخله الأساسي في ميزانيته، بل مصدر رفاهية الشعب السوداني عامة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية