الحزب الاتحادي وانعدام الرؤية!
ما زال الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) أو حزب مولانا السيد “محمد عثمان الميرغني” في تردده، إن كان ذلك الموقف من المشاركة في السلطة أو البقاء فيها، أو الانسحاب أو اتخاذ موقف حول أي قرار، كما هو الحال عند قرارات رفع الدعم عن المحروقات.. لا ندري لماذا هذا الحزب العملاق مواقفه دائماً غير واضحة، ما الذي يضير هذا الحزب إن قال قولته بكل شجاعة وليحدث بعدها ما يحدث؟.
بالأمس الأول ظللنا نتابع اجتماع لجنة التسيير التي كونها مولانا “الميرغني” وجلس ما يقارب الثلاثين شخصاً من أعضاء الحزب، حملت جل صحف الأمس الصادرة بالخرطوم قراراً اتخذه المجتمعون من الحزب بالخروج عن مشاركتهم في السلطة مع المؤتمر الوطني، لم تكن هناك معلومات كافية حول الأسباب التي دفعت بأولئك لاتخاذ مثل هذا القرار، ولكن إحدى الصحف ذكرت أن عدداً من وزراء الحزب شاركوا في اجتماع مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية، فهذا يعني أن هناك انقساماً داخل الحزب الأصل، وإلا لما حدثت هذه (الدربكة)، صحف تؤكد، وأخرى ينفي فيها بعض أعضاء الحزب الانسحاب.. إذا عدنا للوراء ولفترة الديمقراطية الثالثة نجد نفس مواقف الحزب، ولكن وقتها الحزب كان موحداً وليس مشرذماً كما هو الآن، فأذكر عندما شارك الحزب في الحكومة العريضة، التي ضمت حزب الأمة والجبهة القومية الإسلامية والحزب الاتحادي، فعندما زادت الحكومة السكر كانت مواقف الحزب مخالفة للشركاء في الحكومة، فهو الحزب الوحيد الذي لم تكون مواقفه واضحة في ذلك، وأعتقد أن الحزب خرج من الحكومة.. كما هو الحال بمعنى أن الحزب كلما كان الموقف محتاجاً للوضوح في القضايا الكبيرة نجده يتعلل بالأعذار.
واليوم وبعد فترة من مشاركة الحزب في السلطة تبدأ مناورات بالانسحاب وتملأ الساحة السياسية والصحف بكلام كثيف عن اتخاذ قرارات شجاعة إرضاء للقاعدة العريضة للحزب، ولكن في حقيقة الأمر ربما تكون مناورة من مولانا “الميرغني” فلا يعقل أن يغادر البلاد والمظاهرات في قمتها وهو الذي ينادي بالتغيير.. وهذا يعني أنه يريد بعد أن تنضج العملية يأتي لاعتلاء السلطة.
إن الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) يمتلك قاعدة جماهيرية عريضة وولاء للسيد “الميرغني”، ولكن “الميرغني” دائماً مواقفه ضبابية ولا يحسم الأمور بل يجعلها كما هو الآن، وهذا واحد من أسباب تأخر البلاد.. فالأحزاب التقليدية فرغم الولاء الأعمى لها، ولكنها لا تستغل هذا الولاء لمصلحة البلاد، فدائماً النظرة مصلحية للزعيم فمهما بلغ منسوبو الحزب من العلم والمعرفة فلن يستطيعوا اتخاذ موقف دون الرجوع لزعيم الحزب أو الطائفة.. وهذا ما نلاحظه في القرارات المناقضة لأعضاء الحزب، فإذا كان القرار بالمشاركة أو الانسحاب في مصلحة الحزب فينبغي اتخاذ موقف موحد دون الذي نقرأه اليوم.. البعض يؤكد الانسحاب وآخرون يؤكدون المشاركة، وهذا لم يحدث لأي حزب في الدنيا أن يكون هناك تناقض لفئة واحدة، وهل زعيم الحزب هو المحرك لأولئك، أم أن أولئك لهم مواقفهم التي ينطلقون منها حتى ولو كانت مواقفهم مغايرة لرأي أو موقف الزعيم؟.. أفيدونا أيها السادة.