أخبار

(العربية) الحدث!

يبدو أن حالة من السعار والهياج غير الموضوعي قد أصابت قناة (العربية)، فجعلت السودان طلبة أخبارها وتقاريرها بشكل بدا واضحاً فيه التشفي بما عزز كثيراً من اتهامات للقناة بأن خطها يقوم على خطى مؤامرة إعلامية تحاك ضد البلاد وهي الرؤية التي بقدر ما يرفضها الحس الرافض للتجريم والأحكام الاستباقية، إلا أن المتابعة القليلة للمحطة المثيرة للجدل تحمل المرء على الإيمان بأن الأمر فعلاً تخطيط هدام لإثارة الشارع العام وعكس صورة مشوهة وغير حقيقة لا يتم التقيد فيها بأية محددات أخلاقية.
لاحظت في كل مواقيت الأزمات بالخرطوم وغيرها من المدن سوء سلوك مهني يقوم على عرض فبركات فطيرة وأخبار يتضح سريعاً أنها غير صحيحة، وأذكر جيداً قبل عام إذاعتها خبراً عن تعرض أحد نواب رئيس الجمهورية للطرد من قبل المواطنين في مدينة (كوستي)، وهو الخبر الذي كتب تحت بند (العاجل) باللون الأحمر رغم أن (النائب) يومها لم يغادر العاصمة إلى ولاية (النيل الأبيض) ولم تكلف (العربية) نفسها مشقة الاعتذار كاستحقاق وعرف متفق عليه في حالات الخطأ والسهو المهني.
وأتت كذلك قبل عام باحتجاجات صغيرة في بعض أحياء المدن السودانية جراء قرارات برفع أولي للدعم حينها فدخلت المحطة وأخرجت تقارير وأحداث وروايات لا تمت للواقع بصلة، واستخدم مراسلوها صوراً غير دقيقة واستحضروا مشاهد فيلمية من الأرشيف لدعم أكاذيبهم بانهيار الوضع في السودان، واستعانوا في ذلك بصور ومشاهد مأخوذة بواسطة هواتف نقالة ووسائل تسجيل أخرى، وأذكر من تلك صور بثبت باعتبارها (قبل عام) جزء من ثورة الأنصار وأهل (ود نوباوي) ضد النظام، ثم عادت ذات المشاهد في تقاريرها المبثوثة هذه الأيام عن احتجاجات السودان.
أحداث ولاية الخرطوم الأخيرة استمر فيها (كضب) القناة بشكل بدا مقززاً، فقد زعمت ودون أن يرجف لها جفن أن القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة بالخرطوم شهدت عمليات لإطلاق نار وأن وزير الدفاع الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” قد اعتقل، وامتد الكذب إلى القطاع المدني فقالت في (خبر عاجل) إن مدير جامعة الخرطوم قد استقال وهو الخبر الذي نفته الجامعة، وهكذا فإن المحصلة الكاملة لمنشورات الأخبار والتقارير والضيوف عن السودان تمضي كلها لتضع العربية في مواجهة مع سؤال مهم، هل هذه خدمة إعلامية ذات مرعيات مهنية وقانونية أم أنها (بوق) لصالح قوى معادية؟
الراجح أن الفضائية الإخبارية العربية (الثرية) تلعب الآن دورها المرسوم لها من قبل من أسسوها، وأنها تسعى لتكرار نشاطها في مصر قبل الثورة وبعدها في السودان، وطالما أن الخرطوم محكومة بجماعة أو حزب ذي توجهات إسلامية، فالمؤكد أن الخط والتيار العلماني المميز للرسالة الإعلامية لـ(العربية) سيكون هو المؤثر على شكل ونوع التعاطي وسيكون هو المحدد لنوع الأخبار والتقارير المراد بثها، وحيث أن الأحداث ميدانياً في طورها للتلاشي، فالمؤكد أن الخطة المقبلة ستكون قائمة على تشويه صورة المسؤولين، وقد بدأت القصف نحو وزير الداخلية المهندس “إبراهيم محمود حامد”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية