محلية كرري تزيد من معاناة مواطنها!!
قبل فترة ربما تجاوزت الخمسة أشهر تقريباً حدثني أحد المواطنين عن همس داخل سوق حلايب بمدينة الثورة بأن المحلية تنوي إزالته، ولم يذكر لي هذا الشخص أسباب تلك النية المبيتة من محلية كرري، إلا بعد أن وقع الفأس في الرأس أمس الأول، إذ تمت إزالة السوق باللودرات.. وحدثني أحد (الصنايعية) الذي اتفقت معه على صناعة باب صغير، ولما لم يفِ بالوعد الذي قطعه معي ذهبت إليه، فعلمت منه أن المحلية قضت على السوق الذي كان يشتري منه الحديد.
فمحلية كرري التي ربما ميزانيتها (معجِّزة) كما الحكومة حاولت أن تستفيد من إزالة هذا السوق لبيع أرضه لجهات مستثمرة كبرى، عسى ولعل أن تستفيد من مال المستثمرين أولئك في رفع ميزانية المحلية التي تعتمد أصلاً على الجبايات من أصحاب المحلات التجارية، وجاء السوق كخيار ثانٍ لزيادة الدعم، وإن كان هذا الخيار أشبه بخيار وزير المالية الأستاذ “علي محمود” الذي لم يجد خياراً آخر لرتق الميزانية، إلا من خلال رفع الدعم عن المحروقات.
لقد شرَّدت محلية كرري آلاف الأسر التي كانت تعتمد على ذلك السوق من خلال تلك الإزالة، حتى ولو ادعت المحلية أنها ستعوض المتضررين بمحلات أخرى، ولكن أين ستكون تلك المحلات، في جبال كرري أم في فتاشة؟.. لقد ضاقت مدينة الثورة التي تجاوزت حاراتها المائة، بعد أن كانت ست حارات ارتفعت خلال فترة الرئيس الأسبق “نميري” إلى عشر حارات، ومن ثم يزاد العدد عقب كل حكومة فبلغ العدد ونحن في الإنقاذ إلى بعد المائة حارة، وربما تجاوزت الحارات جبال كرري التي كانت في يوم من الأيام يذهب إليها الناس في الرحلات.
إن ما قامت به محلية كرري وفي هذا الوقت بالذات يعني مزيداً من الغبن والتذمر على الحكومة التي تعطي الحكم لمن لم يحسنوا التصرف.. الحكومة مزنوقة بالميزانية ورفع الدعم، فهل من قام بإزالة السوق في هذا الظرف يُعد من العقلاء؟..
إن المسئولين دائماً يضعون الحكومة في حرج شديد مع الشعب.. فالحكومة الرشيدة دائماً تحاول امتصاص غضب المواطن بدلاً من توتره ورفع ضغطه.. ففي الديمقراطية الثالثة حينما أعلنت الحكومة عن زيادة السكر آنذاك انتفض الشعب مما أجبرها على التراجع في مساء نفس اليوم.. فالحكومة وقتها كانت عاقلة ولا تريد أن تخسر الشعب الذي أتى بها عقب الانتفاضة الشعبية.
اليوم الكل يتربص بالحكومة، ووزير المالية يزيد من توتر الشعب من خلال تصريحاته التي ترفع الضغط والسكري معاً، مؤكداً على عدم تراجع الحكومة عن رفع الدعم عن المحروقات، وما هي إلا ساعات ليعلن القرار .. وفي الجانب الآخر تصدر محلية كرري قراراً بإزالة سوق حلايب من الوجود لتذهب أرض السوق لجهة أخرى أو لمستفيد واحد بدلاً عن أولئك الثمانمائة شخص أصحاب تلك المحلات وأسرهم..من أين ستأكل تلك الأسر والظروف الاقتصادية أكثر ضغطاً عليهم؟ أما كان لهذه المحلية أن تصبر زمناً آخر، أو تعطي أولئك الحرفيين مهلة ليبحثوا عن البديل الأفضل، أو تجد المحلية خياراً يجنبها تلك الإزالة التي تزيد من معاناة المواطنين وإحباطهم؟.. ماذا فعلت محلية كرري لمواطنيها حتى تزيل هذا السوق؟ المحلية تردت بنيتها وفضحتها السيول والأمطار السابقة، فالنفايات تملأ الطرقات، والمحلية ليس فيها ما يفرح، وكمان تزيد من المعاناة بدلاً عن تخفيضها وحتى الوقت لم يكن مناسباً لذلك!!