ولنا رأي

من المتسبب في إحباط الشعب؟!

الإحباط يلازم كل أفراد المجتمع، فبعد كارثة السيول والأمطار التي جعلت عدداً كبيراً من السكان في العراء.. جاءت إرهاصات رفع الدعم عن المحروقات مما زادت من وتيرة الإحباط، فالكل يحدث نفسه إن كان على مركبة أو سائر برجليه أو داخل منزله أو في جلسة ونسة مع الأصدقاء، فكل الحديث هذه الأيام لم يخرج من رفع الدعم عن المحروقات، وكيف يواجه المواطن تلك الزيادات التي سوف تترتب إذا ما رفع الدعم.
لا أظن أن أحداً في جمهورية السودان قبل الانفصال وبعد الانفصال متفائل، فبعد الانفصال يشاركنا إخواننا في دولة جنوب السودان هذا الهم، لأنهم أكثر ضرراً مننا، فالبترول الذي كان من المفترض أن يحل مشاكلهم غاب عن الميزانية لعدد من الشهور، بالإضافة إلى أن دولة جنوب السودان تعاني من نقص حاد في المواد الغذائية، واعتمادها على الشمال في كل شيء قبل وبعد الانفصال.. لذا جاء رئيس حكومة الجنوب وأجرى لقاءً مع رئيس الجمهورية “عمر البشير” بعد أن أحس أن كارثة سوف تقع بدولة الجنوب نتيجة للنقص الحاد في الغذاء.. واللقاء بين الرئيسين ربما يقلل حالة الإحباط التي يعيشها أبناء الشمال والجنوب لأن فتح الحدود سيدفع بعدد كبير من التجار بإرسال كميات كبيرة من البضائع إلى الجنوب، واطلعت قبل أيام أن دولة الجنوب تحتاج إلى ثمانية عشر صنفاً من السلع من الشمال وأهم من كل تلك السلع “التمباك”.. تصوروا “التمباك” يصبح من ضروريات الإخوة في جنوب السودان.. إن حالة الإحباط التي يعيشها المواطن الآن سببها الانفلات في كل السلع الاستهلاكية، فكأنما التجار حاولوا استباق الحكومة قبل أن تطبق قرارات رفع الدعم بوضع تسعيرة على (كيفك)، كل تاجر يضع التعريفة التي تناسبه، فإذا ما صدر قرار الرفع يكونوا قد أدخلوا أموالاً طائلة من البضائع الموجودة في الأرفف قبل سنوات، ليضعوا تعريفة أخرى ما بعد رفع الدعم.. وهذه سياسة لم تفطن لها الدولة، ولم يفطن لها القائمون على أمر الاقتصاد في البلد، فيفترض أن يتحرك الأمن الاقتصادي لكبح جماح أولئك التجار بدلاً من ترك الحبل على الغارب كل بطريقته.
إن حالة الإحباط التي يعيشها المواطن لا أعتقد أنها سوف تزول بين ليلة وضحاها، فالإحباط أصلاً ملازم المواطن السوداني منذ زمن طويل، ولم تأت حكومة منذ الاستقلال جعلت المواطن يعيش في حالة هناء، فحتى حكم الرئيس “عبود” الذي قيل إنه أفضل فترات الحكم العسكري، هاج الشعب وأطاح بحكمه بسبب زيادة الكبريت، ولكن هذا لم يكن السبب الأساسي في إطاحة نظام “عبود”، فالشعب السوداني يعتبر من الشعوب الملولة، ولا يرضى أن يحكمه نظام أكثر من سنتين، لذلك كلما جاء نظام حكم واستمر لأكثر سنتين تمرد الشعب وافتعل الأسباب للإطاحة بالنظام، فعندما سقط نظام “عبود” أسف المواطن عليه، وهتف له في أول مقابلة شخصية معه في سوق الخضار قائلين “ضيعناك وضعنا معاك”، وكل الأنظمة التي تعاقبت بعد ذلك حتى فترة العام التي حكم فيها المشير “سوار الذهب” أحس الشعب بالملل واستعجلت الأحزاب حكومة ما بعد الانتفاضة بالمغادرة، وهي كانت أفضل فترات الحكم التي مرت بالبلاد، والسبب أنها حكمت عاماً فقط.
إن الفترة العصيبة التي تمر بها الحكومة الآن، والإحباط الذي يلازم المواطن يتطلبان أن تكون هناك معالجة أولاً لوضع الحكومة والخروج من هذا المأزق، ثانياً إزالة هذا الإحباط التي تسبب فيه هذا الغول المسمى السوق والتجار والسماسرة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية