هل يتدخل العقلاءُ قبل انتهاء الستين يوماً!
بدأ الساسة يعدون تنازلياً لإغلاق أنبوب النفط وفقاً للمهلة التي أعطتها حكومة الشمال للجنوب والتي كانت قد حددت بستين يوماً.
الساسة في الشمال أو في الجنوب ينبغي ألا يقفوا مكتوفي الأيدي وألا يكونوا واقفين في مواقع المتفرجين ، الساسة لهم دور مهم وفعال فإذا فشلوا في إقناع الجنوبيين بالوحدة الآن لهم دور يمكن أن يلعبوه في كيفية المعايشة بين البلدين ، طالما الإخوة في الجنوب ارتضوا لأنفسهم هذا الانفصال والذي كان القرار صعباً على الأخوة في الشمال وبعض الأخوة الجنوبيين الذين كانوا يعملون من أجل الوحدة وليس الانفصال.
إن الفترة المتبقية من إغلاق أنبوب النفط قليلة وهي المهلة التي أعطتها حكومة الشمال للجنوب، في حال عدم التزامها بوقف الدعم للمتمردين، ولكن قبل أن تنتهي تلك المدة ينبغي أن يكون هناك تحرك من الحادبين على مصلحة البلدين لأن وقف الضخ للمرة الثانية فيه عنت ومشقة لأن النفط يلعب دوراً هاماً في اقتصاد البلدين، ووقف هذا الأمل أو الضخ يزيد من معاناة الشعبين وربما العنت والمشقة للشمال أقل من الجنوب إذ أن الشمال يحظي بالكثير من الموارد التي يمكن أن تساهم في إنقاذ اقتصاده ولو بنسبة أقل عما إذا كان النفط موجوداً.
كثير من الدول التي كانت متحدة وانفصلت لم تصل للحال الذي نحن عليه ، فاليمن كانت دولتين وانفصلتا والألمانيتان كذلك ، لذا لا بد أن نتعظ من تجارب الآخرين ويجب أن تتعايش الدول والشعوب في أمن وسلام من أجل مصلحة ومستقبل تلك الشعوب، ولكن أن يظل العداء بين الطرفين بعد أن اختارت الدولة خيارها فهذا ليس من المنطق ولا العقل وينبغي أن تعمل كل دولة من أجل النهضة والبناء لرفاهية شعوبهما.
مازال الوقت أمامنا وأمام العقلاء في البلدين والأصدقاء لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي إن كان ذلك في الشمال أو الجنوب ، وأن نطوي تلك الصفحة القاتمة واستبدالها بصفحة بيضاء ناصعة.
إن الناظر الآن إلى دولتي مصر والسودان وما كان سيحدث قبل الاستقلال هل كان سيصل الوضع لما وصل إليه بين الشمال والجنوب الآن؟
هل كان بالإمكان أن تحدث حروب وصراعات وإغلاق مجرى النيل في وجه مصر، لا أعتقد أن الأمر كان سيصل لما وصل إليه الآن مع الشقيقة دولة الجنوب.. فبين مصر والسودان دم ورحم وعلاقات متينة وقوية واستطاعت مصر أن تقدم الكثير للسودان إذا نظرنا فقط إلى مجال التعليم ، وكذا الحال بالنسبة لدولة الشمال فقد استطاعت أن تقدم خدمات للأخوة الجنوبيين خاصة في مجال التعليم حتى دواوين الحكومة لم تفرق بين هذا شمالي وجنوبي. صحيح الوضع يختلف عن مصر، فالشمال والجنوب كانا دولة واحدة ولم تمض سنوات طويلة على الانفصال ربما الغبن مازال مسيطراً عليهم.. ولكن الأخوة الجنوبيين الآن أحسوا بالفرق بينما كانوا في الدولة الواحدة والآن.. الآن يعاني الأخوة الجنوبيون في كل شيء.. الحكومة الحديثة لم تستفد من الموارد الموجودة لإحداث بنية تحتية ينعم بها المواطن الجنوبي، لذلك لا بد أن يتدخل العقلاء قبل أن تنتهي مدة الستين يوماً ليستمر تدفق النفط من أجل البلدين ، وإلا ستظل المعاناة قائمة إن كان ذلك في الشمال أو الجنوب ، والخاسر في النهاية هو المواطن المسكين الذي يؤمل في إنعاش الاقتصاد لحل مشكلة الدواء والعلاج والتعليم والبيئة وكل مشكلة سببها المال.